إن كان مجرمو العصر من بني صهيون، ومن لف لفيفهم منذ أزل التاريخ، يتوهمون بأن تجويعهم وتشريدهم وقتلهم، بأنذل وأبشع وأقسى صور عرفها التاريخ، للشعب الفلسطيني المجاهد سيكون فصلا جديدا من فصول أحلام قادة تل أبيب، بأنهم قادرون على إنهاء الوجود الفلسطيني من على هذه الأرض، فإن عليهم أن يدركوا بأن فلسطين لا تموت.
يناضل ويستشهد شعبها ليرتقي إلى أعلى مراتب المجد والرحمة عند خالقه، سبحانه وتعالى، "بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"، لكنه لا يموت.
يسجن ويلاقي أعتى صنوف الظلم والعذاب والتنكيل على أيدي قتلة الأنبياء، لكنه لا يموت.
يهجر من أرضه ليعاني مرارة فقدان الوطن لأجيال تتعاقب في الشتات، مع كل ما يحمل ذلك من حسرة وقهر وألم، لكنه لا يموت.
يتبارى الإعلام الصهيوني المدجج بكل التقنيات، ومن خلفه الغربي غالبا، بمكر ودهاء وخسة، لتزييف الحقائق وقلب التاريخ، لكنه لا يموت.
تتكالب عليه عواصم الغرب، متآمرين على مستقبله، داعمين لبني صهيون في مختلف المحافل، متقاسمين المغانم السياسية، لكنه لا يموت.
يراهن البعض أن قضيته قد تصبح ضربا من التاريخ، مثلما حدث لأمم خلت ذابت هويتها وأضحت نَسْيا مَنْسِيا، لكنه لا يموت.
تتبارى الأقلام المأجورة والأصوات الحاقدة عبر وسائل الإعلام حول العالم لتسخيف الواقع الفلسطيني ولوم شعبه على ما آلت إليه الأمور عبر التاريخ، لكنه لا يموت.
يمارس البعض التقليل وعدم الاكتراث وحتى التجاهل لما يواجه الصابرون من أبناء وبنات فلسطين من محن ومآسي وكوارث لم يشهدها التاريخ من قبل، لكنه لا يموت.
الفلسطيني ببساطة هو ذلك الإنسان الذي اختاره الله ليقارع بني صهيون على هذه الأرض، وفي ذلك شرف لا يضاهيه شرف لمن آمن بأن معركة وجوده الحقيقية تكمن في تحرير قبلة المسلمين الأولى وأرض المحشر والمنشر.
وحتى ذلك الوقت، سيبقى الشعب الفلسطيني شوكة في حلق بني صهيون، ليكون هو شعب الله المختار، لا غيره، لمقارعة سفاحي العصر إلى قيام الساعة، وستبقى القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين الأولى، مهما تشتت الاهتمامات وغابت الأولويات وتسارعت الأحداث، وستبقى القدس من يجمع شمل الأمة على قلب رجل واحد، ولو بعد حين. "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ".
الغد