"الحكومات المنتخبة" .. ماذا تعني؟!
جميل النمري
31-03-2011 03:34 AM
لنقف عند شعار الحكومات المنتخبة، وقد أصبح شعارا محوريا على لسان الجميع يشرح محتوى وهدف الاصلاح. فهو بالطبع لا يعني أن الشعب ينتخب مباشرة السلطة التنفيذية، أي رئيس الوزراء والوزراء، بل يفعل ذلك من خلال ممثلي الشعب المنتخبين. لكن أليس هذا ما يحدث عندنا الآن؟! فالشعب ينتخب مجلس النواب والنواب ينتخبون الحكومة بإعطائها الثقة أو حجبها عنها!
هذا صحيح من حيث الشكل فقط كما يعلم الجميع، فالحكومات تتشكل وتزاول عملها من دون ثقة، وقد تمر بضعة أشهرعلى ذلك لأن الدورة البرلمانية تدوم أصلا 4 أشهر فقط في العام، وقد تبقى الحكومة وتتعدل أكثر من مرّة (كما حصل مع حكومة أبو الراغب لمدة عامين) قبل أن تذهب إلى مجلس النواب لتأخذ الثقة، وحكومة سمير الرفاعي الأولى (قبل إعادة التكليف)، جاءت وانتهت من دون أن تذهب للثقة لأن البرلمان لم يكن موجودا لعام كامل. وعموما، فالثقة ليست شرطا لمزاولة الحكومة ولايتها لأن البرلمان الذي يعطي الثقة يمكن أن لا يكون موجودا، والانتخابات مؤجلة إلى وقت غير محدد وفق تعديل دستوري سابق يوجد الآن إجماع على ضرورة إلغائه.
ضمن الوضع الراهن الثقة ليست بالشيء المهم، فمجلس النواب لو قرر إعطاء أعلى ثقة لحكومة فهي يمكن أن ترحل في اليوم التالي. ولو أراد حجب الثقة فلا شأن له بأن يقرر البديل! ولذلك نقول إننا ما نزال لم ندخل بعد ديمقراطية الحكومات المنتخبة. فأن تكون الحكومة منتخبة يعني أنها لا تمارس المسؤولية وتبقى مشروع حكومة مكلفة حتى تحصل على ثقة الأغلبية من مجلس النواب، وهذا سيعني بالضرورة أنه لن يكون هناك وقت من دون مجلس نواب لأنه لن توجد حكومة تمارس عملها من دون أن تحصل على التفويض النيابي (باستثناء حالة الطوارئ المنوط إعلانها بجلالة الملك).
ليس صحيحاعلى الإطلاق الادّعاء القائل إننا يجب أن ننتظر تشكل برلمان من أحزاب رئيسة لنحقق مبدأ الحكومات المنتخبة، بل إن عدم الأخذ بهذا المبدأ هو الذي يحول وسوف يستمر في الحيلولة دون وجود قوى سياسية برلمانية، وأيضا حجز مشاركة المواطن عند مستوى متدن للغاية في قيمة التصويت وفي العلاقة مع النيابة والانتخابات (الواسطة والمحسوبية والمصالح الشخصية).
من دون حاجة حتّى لنص دستوري يمكن تكريس تقليد أن يطلب الملك من مجلس النواب التنسيب باسم رئيس للوزراء، فيقوم رئيس مجلس النواب بمشاورات ينسب بعدها باسم الشخصية التي تحصل على تزكية من أغلبية نسبية فيكلفها جلالة الملك مبدئيا بإجراء مشاورات نيابية وحالما يضمن تأييدا لتشكيل حكومته وبرنامجها وشخوصها يقدمها الى الملك ليصدر التشكيل بإرادة ملكية. أراهن أن هذا سينقل كل الأداء الى مستوى جديد لم نعرفه من قبل، وسوف يعطي مردودا حاسما يتكامل مع مردود أدوات الإصلاح السياسي الأخرى.
(الغد)