أية صورة نريدها للشعب الأردني بين العرب والعالم?
احمد ابوخليل
31-03-2011 03:30 AM
تتنافس الشعوب العربية هذه الأيام على إعادة رسم صورتها, أولاً داخل الأمة العربية نفسها وثانياً على مستوى العالم حيث تعيد الأمة ككل رسم صورتها كأمة حية.
الأشقاء المصريون استعادوا صورتهم البهية تاريخياً والتي غابت لأكثر من ثلاثين عاماً تعاضدت خلالها عناصر كثيرة بهدف تشويه صورة هذا الشعب العظيم. والأجيال السابقة تتذكر الدلالات المهيبة التي كانت تحظى بها كلمة "مصري". ومن المفرح أن أول ما استعاده المصريون هو هذه الصورة, وهو ما نعيشه في علاقاتنا اليومية مع المصريين المتواجدين بيننا.
التونسيون سبقوا المصريين إلى استعادة ثقتهم بأنفسهم ولا زلنا نستمع وبلا ملل على شاشة الجزيرة لصرخة الرجل التونسي: "الشعب التونسي ما يْمُتْش". والليبيون أيضاً يؤكدون لنا أن الصورة التي قدمها عنهم القذافي للعرب والعالم غير حقيقية, وهم اليوم يسعون لتقديم أنفسهم كشعب متماسك له تاريخ, بينما (ويا للمفارقة!) يسعى "قائدهم" إلى التأكيد أنهم قبائل وعشائر أو شرق وغرب.
الأشقاء اليمنيون الذين تعتبرهم الدراسات الاجتماعية مثالاً للمجتمع المنغلق بل والبدائي أحياناً, يعيدون اليوم بناء الشعب والمجتمع الحديث. أما جيراننا السوريون فقد صرخوا هتافهم الأجمل: "الشعب السوري ما بْينذل". أما الشعب الأقرب إلينا, أقصد الفلسطيني فله تاريخ طويل مع صورته التي تتناوب على تشويهها جهات كثيرة بعضها فلسطيني بالطبع, ولكن هذا الشعب أصبح ذا خبرة في استعادة صورته الحية بين مرحلة وأخرى رغم جولات التشويه.
تعالوا نفكر بصورة الشعب الأردني التي جرى التلاعب بها في الأيام الأخيرة, وكيف تم دفع عشرات الألوف منهم إلى الظهور بصورة سرعان ما تخلى عنها منظموها المرئيون وغير المرئيين مباشرة فور انتهاء المهمة, ولم يدافع عنها أو يتبناها أحد منهم.
تشويه صورة الشعب الأردني ليس وليد الأيام الماضية فقط, إذ تذكرون خلال السنتين الماضيتين عدد وحجم الأخبار التي كانت تتداول داخلياً وخارجياً عن المشاجرات وحالات العنف التي قدمتنا للعالم (ولأنفسنا بالدرجة الأولى) كما لو أننا شعب مبتدئ حضارياً. وقد تنفسنا جميعاً الصعداء في الأشهر الأخيرة ونحن نرى الناس يتجاوزون هذه الفترة البائسة وينخرطون في علاقات حديثة وينظمون أنفسهم في حركات مدنية ديمقراطية (حركة المعلمين والعمال والمتقاعدين ومجموع التحركات المطلبية المتعددة التي تتصل بحياة مئات الألوف في كل المواقع). لكن يبدو أن خصوم استكمال مسيرة تكوين الشعب وتقديم صورة جميلة عنه لم ييأسوا ووجدوا في الأيام الماضية فرصة لتجديد نشاطهم.
إن الشعوب العربية تعيد تشكيل شخصياتها الوطنية في إطار الشخصية العربية. ويبدو أن الأمة كلها تسترد دورها كأمة لها "حصة" محترمة في هذا العالم, ويتعين على الأردنيين أن يحرصوا على حصتهم الوطنية من هذه الحصة القومية. والأردنيون لديهم ما يعتزون به حتى عندما كانوا عدة مئات من الألوف في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي, حينها كان يكفيهم حسهم النقي لكي يقدموا صورة جميلة لأنفسهم أمام أنفسهم وأمام والآخرين.
ahmadabukhalil@hotmail.com
(العرب اليوم)