بلطة بلون الورد في عيد الحب!
حلمي الأسمر
30-03-2011 05:53 AM
ذات صباح مشمس جميل، كنت في بلد أوروبي، ولاحظت أن أولاد وبنات المدارس والجامعات يحملون ورودا بأيديهم، ويهرولون مسرعين بفرح، سألت عن سر هذه الورود فقيل لي إن اليوم هو أول أيام الدوام للجامعات والمدارس، والطلاب والطالبات يحملون ويحملن الورود لإهدائها إلى معلميهم!
انهالت علي هذه الصورة الجميلة فور أن قرأت خبرا (سد نفسي عالآخر) لأنني أصلا كنت لا أنوي الكتابة اليوم، ولا أجد أية رغبة حتى في الكلام، لكن الخبر استفزني على نحو مباغت، الخبر لمن لم يقرأه، يتحدث عن اعتداء طالب في إحدى المدارس الحكومية أمس على معلم بضربه على رأسة «بقطاعة / يعني بلطة» حيث تم إسعاف المعلم إلى المستشفى، ويقول الخبر نقلا عن مصدر طبي أنه وصل معلم مصاب بجرح قطعي في الرأس إلى قسم الإسعاف والطوارئ, وتم إجراء الإسعافات الأولية له وكتابة تقرير طبي بحالته الصحية لتقديم شكوى. مدير المدرسة قال» إن الطالب حضر إلى المدرسة متأخرا في ساعات الصباح من بداية الدوام المدرسي» وطلب المعلم منه الخروج إلى الإدارة بسبب تأخره إلا أن الطالب رفض الانصياع لأوامر معلمه, فأخرج الطالب «قطّاعة» من تحت ملابسه وضرب المعلم على رأسه.
المدير– طبعا- يرفض ويستنكر الاعتداء على الهيئة التدريسية من قبل الطلبة بين الحين والآخر, ويطالب الجهات المختصة(!) بوضع قانون حازم من أجل حماية المعلمين من الاعتداءات المتكررة داخل أسوار المدارس وإثناء الدوام الرسمي، وكذا فعل معلمو المدرسة وطالبوا بوقف الاعتداءات المتكررة عليهم بوضع قانون حازم لحمايتهم وعدم التساهل مع الشكاوى التي ترد من المعلمين وأخذها بعين الاعتبار, وقالوا إنه لا يوجد قانون يسمح بتفتيش الطالب إذا كان يحمل أدوات حادة أم لا!
بقية الخبر/ النهفة، تقول إن المعلم قدم شكوى لدى المركز الأمني لتتم ملاحقة الطالب قانونيا, ولا تزال التحقيقات جارية في أسباب الحادثة!
الحادثة ليست من اختصاص المركز الأمني على الإطلاق، الحادثة من اختصاص كل مواطن، لأنها تحمل دلالة صاعقة، فالفتى صاحب البلطة، استلهم كما يبدو لي سلوك البلطجية، وتسلح بالبلطة، كي يثبت لنا جميعا أي خطر يحيق بنا بعد تمجيد فعل «البلطجة» في قمع المتظاهرين المسالمين، وإظهارهم كمنتصرين على أبناء وطنهم، وهذه هي أول ثمار هذا التمجيد، ولا يستغرب أحد بعد الآن، أن تصبح البلطة (المُمَجّدة) هي اللغة الأكثر سيادة في التفاهم، ليس بين الطالب ومعلمه، بل بين الابن وأبيه، والأخ وأخيه، والزوجة وزوجها، ولن يكون غريبا أن يهدي عاشق حبيبته «بلطة» حمراء بلون الورد مثلا، في عيد الحب!
نحن أمام خيارين اثنين، إما أن نمجد ثقافة الوردة ونعلمها لأبنائنا، وإما أن نمجد ونعلي شأن ثقافة البلطة، وما حدث حتى الآن، أننا نضفي على ثقافة البلطة لباسا وطنيا جميلا، ونزين هذا السلوك، باعتباره دليلا على الانتماء والولاء، وربما يأتي يوم تتحول البلطة فيه إلى رمز وطني، ومن ثم إلى وسام من أوسمة الشجاعة والبطولة، فنهدي كبار زوار الوطن، أوسمة تتكون بشكل أساسي من بلطة مزينة بالنقوش الإسلامية الجميلة!
الدستور