سؤال يتبادر إلى ذهن المتابع للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ما هو السر الذي يدفع قوات الاحتلال الإسرائيلي الإصرار على محاصرة مجمع الشفاء الطبي واقتراف أفظع الجرائم الوحشية بحق المرضى والنازحين والطاقم الطبي، ليس هناك سر سوى أن مشفى الشفاء هو عنوان أكبر مؤسسة صحية في القطاع، واستهداف الاحتلال لهذه المؤسسة العريقة يشي نيتها الخبيثة لتدمير كل أشكال الحياة في قطاع غزة.
مسوغات الاحتلال الصهيوني تطويق مجمع الشفاء ومستشفيات أخرى كمشفى الأمل وناصر وإعمال يد جنودها بالقتل والتخريب والترهيب بحق كل إنسان متواجد فيه، فارغ لا يمكن للمنطق والعقل السليم أن يقبله، فلا يوجد أي مقاوم في مجمع الشفاء ولا في أي مشفى في القطاع بأكمله، هذا ما أكده الأطباء الأجانب الذين أجروا عمليات جراحية في مستشفيات القطاع وكل إنسان زار المشفى، بل حجج الاحتلال الواهية تستخدم ورقة اجتياح المرافق الصحية واستهدافها بالتدمير والاعتداء على المتواجدين فيه، للضغط على الغزيين أينما كانوا في القطاع وإجبارهم على مغادرة القطاع، وورقة ضغط أيضاً على المقاومة الفلسطينية ودفعها تقديم سلسلة من التنازلات على طاولة المفاوضات وهذا ما ترفضه الفصائل المدافعة عن غزة وأهلها جملة وتفصيلا.
إدارة بايدن لا يهمها من كل ذلك سوى كسب الانتخابات الرئاسية في عام ٢٠٢٤، بإلقاء طوق النجاة إلى حكومة نتنياهو ومساعدتها على جني مكتسبات من الحرب، وحمايتها من العزلة التي قد تشعر بها عقب الحرب، وأن تصميم نتنياهو ومجلس حربه على دخول رفح وشن عملية عسكرية واسعة النطاق، قد يجر قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الوقوع في مستنقع غزة كما تورط الجيش الأمريكي في مستنقع حرب فيتنام.
المفاوضات التي تجري بين حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل غير مباشر عبر الوسطاء المصريين والقطريين، لوضع إطار تصور لوقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل وشامل من القطاع، يتعرض لعراقيل وعثرات تضعها حكومة نتنياهو المتعنته، التي تريد أن تسير المنطقة برمتها في فوضى، و يتسنى لنتنياهو أن يبقى في منصبه ويتنصل من مواجهة تهم الفساد، لذا سعى إلى التحالف مع المتطرفين أمثال بن غفير وسموتريتش ليكونوا بمثابة شبكة أمان ضد محاكمته، ومهما كانت أسباب إصرار نتنياهو ومجلس حربه على المضي قدماً في العدوان على غزة، يبقى كل قادة الكيان الصهيوني ينتهجون ذات النهج في التعامل مع الفلسطينيين وإنكار حقهم المشروع في أرضهم ومقدساتهم وفي القلب منه المسجد الأقصى المبارك.