البريد الاردني .. خدمات بريدية عصرية ومبتكرة
د. مالك القصاص
23-03-2024 04:05 PM
تعتبر خدمات البريد الوطني، في معظم دول العالم، الصمام الرئيسي والشريان الخفي الذي يمر عبره الكثير من الاتصالات الروتينية الرسمية والغير رسمية. كما وأصبح مكتب البريد نقطة الاتصال ما بين المواطنين وكافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية حيث أصبح كمركز للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات وأداة من أدوات تنفيذ برنامج الحكومة الإلكترونية. كما ويعتبر شريان أساسي للاقتصاد الوطني، بالإضافة الى انه شريكا طبيعيا للحكومات في طريقها نحو تحقيق اهداف التنمية المستدامة.
نظراً لما شهده العالم خلال العقود الثلاث الماضية من حيث التطورات الهائلة وثورة تكنولوجيا الاتصالات الرقمية والاجتماعية والتي أدت بذلك إلى قيام الكثير من دول العالم، وخصوصا في أوروبا، بتطوير منهجية العمل ومواكبة هذا التطور في البريد الوطني.
في عام 2021، اعتمد مؤتمر الاتحاد البريدي العالمي (UPU - Universal Postal Union) السابع والعشرون الرؤية البريدية لعام 2030 بوصفها جزءا من استراتيجية ابيدجان (جمهورية كوت ديفوار) البريدية والتي تتمثل في "تحفيز التنمية المستدامة للخدمات البريدية الشمولية الجيدة والفعالة والسهلة المنال، بغاية تيسير الاتصالات بين سكان العالم" (خطة التنمية المستدامة لعام 2023). وتحدد هذه الرؤية الخطوط العريضة للنتائج المتوقع ان يحققها القطاع البريدي ككل بحلول عام 2030، معززة ب 33 مؤشر اداء رئيسي ملموسا وقابلا للقياس.
ودعما لتنفيذ الرؤية البريدية 2030، قام الاتحاد البريدي العالمي، باعتباره وكالة تابعة لمنظومة الأمم المتحدة، بتنسيق عمله حول ثلاث ركائز استراتيجية. وتسعى هذه الركائز إلى تعزيز دور الاتحاد البريدي العالمي بوصفه المنتدى الرئيسي لتنمية القطاع البريدي، ومقدم حلول تكنولوجية ميسورة التكلفة، والمركز المعرفي الاهم للقطاع البريدي. وستحقق الركيزة الأولى "المنتدى" عبر الفعاليات واجتماعات فرق العمل التقنية والمعاهدات والاتفاقات الدولية وآليات التسوية. وسيركز في الركيزة الثانية "تقديم الحلول التقنية" على التشاور وبناء القدرات وحلول تكنولوجيا المعلومات والمعايير. وستحقق الركيزة الثالثة "المركز المعرفي" عبر البحث وبلورة الرؤى بشأن اتجاهات السوق، والتحليل المركز على مختلف المسائل المواضيعية، وكذلك عبر تخزين البيانات وحمايتها.
اما على الصعيد الإيطالي، قام البريد الإيطالي (Poste Italiane)، خلال العشر سنوات الأخيرة، بعمل الكثير من الخطوات والمبادرات لتحسين كفاءة وأداء القطاع البريدي. نتيجة لذلك، أصبح اليوم البريد مركزا شاملا للكثير من الخدمات كخدمات تسليم البريد للرسائل والطرود والبريد المسجل داخل إيطاليا ودوليًا، والخدمات المصرفية والتمويلية كالتي تقدمها البنك، وخدمات التأمين، وخدمات الاتصالات والانترنت، وكذلك لعمل وإصدار الكثير من الوثائق الحكومية كالهوية الشخصية، وجواز السفر، وشهادات الميلاد والزواج وغيرها.
ومن الجدير بالذكر ان البريد الإيطالي قام مؤخرا بإطلاق مشروع بوليس (Progetto Polis Poste Italiane) والذي يهدف تعزيز التماسك الاقتصادي والاجتماعي والإقليمي للبلاد والتغلب على الفجوة الرقمية في المدن الصغيرة والمناطق الداخلية. والذي سيجعل البريد مركز حكومي شامل لكافة خدمات الإدارة العامة وخصوصا في المدن والقرى الصغيرة والنائية.
أدت كل هذه المبادرات والتطوير في البريد الإيطالي (143 ألف موظف وأكثر من 13 ألف مكتب موزعين في كافة انحاء ايطاليا) الى ارتفاع صافي الربح بنسبة 22,1% لتصل إلى رقم 1,9 مليار يورو، وارتفاع الإيرادات بنسبة 5,4% لتصل إلى 12 مليار، بحسب الرئيس التنفيذي ماتيو ديل فانتي. كما وأصبح البريد رائدا في العديد من القطاعات فعلى سبيل المثال تصدر مؤخرا البريد قمة قطاع التأمين في مؤشر S&P Global's CSA 2023 والذي تم تأكيده للعام الخامس على التوالي في مؤشر داو جونز للاستدامة العالمي وأوروبا.
أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني هذه مهمة تطوير البريد الاردني والمصاعب الذي يواجها واسأل نفسي لماذا لا يتم الاستفادة من تجارب تطوير البريد الوطني في أوروبا؟ لماذا لا يتم فتح باب الاستثمار في البريد الأردني وخصوصا انه يعتبر شريان أساسي للاقتصاد الوطني، بالإضافة الى انه شريكا طبيعيا للحكومات في طريقها نحو تحقيق اهداف التنمية المستدامة؟ اذ ان الكثيرين من الأردنيين المغتربين او المهاجرين يمكن لهم الاستفادة من خدمات البريدية الأردنية في امور كثيرة تسهل لهم اجراءاتهم في اجراءات ارسال الوثائق وشحن بعض الأمور من والى البلد.