فواز عبدالحق الزبون بني حسن أنموذجا
نورالدين سليمان شديفات
23-03-2024 01:14 PM
يقال العظماء يولدون من رحم المعاناة والآلام لان الظروف السهلة وحدها لا تصنع افراد متميزين بهذه الحياة فالنفس البشرية بحكم طبيعتها تميل الى الكسل وحب الروتين وعدم التغيير والميل للعادات البالية وتطبيقها حرفا ، لكن تلك الظروف الصعبة هي من تخرج للمجتمعات القدوات الملهمين ان لم يكن لاستنساخ تجاربهم باقل تقدير الخروج من منطقة الراحة والاستسلام الشخصيه (قاتلة الابداع) الضروف الصعبه اي كانت مضاف لها الفقر ربما تصقل شخصيات اولئك العظماء بما فيهم من قدرات ومواهب وطاقات، وتجبرهم على التغيير الايجابي والقفز الى حد التميز إذا استخدموها لصالحهم مستعينين بالله اولا متوكلين عليه لا متواكلين محاربين أشاوس من أجل التغيير واحداث نقلة في الحياة الشخصية عوضا عن الاستسلام والركون للاحباط والياس الذي يجعل من الانسان نسخة اقل ما يمكن وصفها (مستسلم على هامش الحياة).
اليوم وفي رمضان 1445 اخترت لكم شخصية متميزه هذا الفتى المولود في العام 1957 هذا الرجل الملهم بقصته وتفاصيل اصراره للتقدم والنهوض لتغيير واقعه للافضل كما فعله عبر رحلة امتدت عمرا وفي لغة الارقام 48 عام من الكفاح هذا الفارس الأشم هو الاستاذ الدكتور فواز عبدالحق الزبون رئيس الجامعة الهاشمية سابقا ....
وحتى لا اطيل على القارىء الكريم اخترت ان اوثق قصتة كما حكاها هو نفسه امام حشد من الجمهور صحيح اخذت مني وقت لكتابتها لكنها نص انساني وطني ملهم يستحق الاحتفاظ به لاجيال قادمة تحكي كيف يبني الانسان من طفل متعب تكاد تنعدم فرصه في عرف المجتمعات الى إنسانا بطلا شق الصعاب بيده وعقله وقلبه ... بصدق هي قصة تستحق ان تكون فيلم تحفيزيا ملهما لملاين من البشر كيف تكون القدوات، اترك لكم النص ولكم الحكم :
قال العالم القدير الاستاذ الدكتور فواز الزبون في كلمته
كتبت لي كلمة وانا من طبعي أن أتحدث من القلب الى القلب والمتحدث اليكم رئيس جامعة وهذا الكلام موجه الى اللذين لديهم اعاقات وانا اسميها مكرمات وليس إعاقات .
انا من بيئة بدوية أنجبتني أمي وقد كانت ذاهبه لاحضار الماء من البئروفي الطريق جائها المخاض فولدتني في الواد وكانت اصابع يدي اليسار كما ترون كل أم اردنية اخذت الدواء الفرنسي في العام 1957 ولد محروما من هذه الاصابع في يده ... وعادت بي امي للبيت بعد ان البستني ثوبا ... عماتي وخالتي قلن ( هذا عاهه كيف سيعيش !! سيغلب اخونا .. دعونا نحفر له حفره ندفنه ونخلص منه ) هذا كان الرأي لكن أحد الجارات الحبيبات لوالدتي قالت بلهجة بني حسن (اللي ما يصلح ياخذ العصاه ويسرح إعتقوه لوجه الله ...) فاعتقوني ...
بعد عامين او ثلاث زارنا ضيف هو زوج عمتي ذبح له الوالد ذبيحه لاكرامه ..واراد اخي الكبير أن يريني كيف ذبحت الذبيحه فاحضر السكين فقلع عيني اليسرى كنا بمصيبه واصبحت المصيبة مصيبتان يد وعين وكان الوالد يقول اعتقتك لوجه الله .
بدأت حياتي الاكاديمية وانهيت ... وكان الوالد يضرب مني مثل واقصد كان يشعرني بانني كبير البيت واعتى المسؤوليات كان يلقيها علي...انهيت الثانوية العامه في العام 1975 وكان ترتيبي الثاني في المملكة الاردنية الهاشمية ثم ارسلت الى الجامعة الاردنية وكانت زميلتي في الدراسة سمو الأميره عاليه وكان ترتيبي الأول في قسم اللغة الانجليزية ثم بعد ذلك درست في جامعة اليرموك الماجستير في اساليب تدريس اللغة الانجليزية وكنت الاول وشرفنا وقتها جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله ومنحني بعثة الى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الماجستير والدكتوراه وكانت على يد ومن لدن جلالة الملك حسين رحمة الله عليه...
ذهبت الى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1982 انهيت الماجستير والدكتوراه سنة 1985 وكان في حينا لدي عروض من جامعة بيركلي من جامعة ويسكنسون ومن جامعة أم القرى في المملكة العربية السعودية لكنني آثرت ان اعود الى بلدي حتى اخدم بلدي وأكرم من كرمني . ثم بدات العمل في جامعة اليرموك ثم اصبحت رئيس لقسم اللغة الانجليزية ثم نائب للعميد ...
انا أروي قصتي هذه حتى لا يضن الاهالي انهم في مأزق، انتم في مكرمات وقد ذكروا في القران الكريم اولوا الضرر .وكنت اقول لنفسي من فقد احد حبيبتيه ضمنت له الجنه ... انا اقول لللناس انا رايح على الجنه لان الرسول صلى الله عليه وسلم بالحديث الشريف وعدنا بالجنه.
ثم اصبحت عميدا للبحث العلمي والدارسات العليا ثم اصبحت عميد لكلية الاداب في جامعة ال البيت ثم نائب رئيس في جامعة الطفيلة ثم استاذا في قسم اللغة الانجليزية في جامعة الامام في ابها المملكة العربية السعودية اربع سنوات ومن ثم نائب رئيس جامعة اليرموك ثم اصبحت رئيس للجامعة الهاشمية.
لو جلست في البيت وقلت (يدي غير موجوده وعيني رايحه وخلهم يضلوا يقول الاقطل الاعور معناها انتهت حياتي) والله ما رددت على مثلبة من المثالب بالعكس كانت هذه دوافع حفزتني وحضيت بالهاشميين والهاشميين طبعهم تكريم الاوائل في الثانوية العامه في الجامعات في المدارس هذا ديدنهم في التكريم ....وهذا التكريم كان محفز لنا وما نحن عليه اليوم.
وانا اتوجه بالشكر الجزيل لمركز نازك الحريري الذين شرفونا ان نلتقي بهذه الكوكبه الواعده بحضور سعادة السفير الليناني وصحبه الكرام ومن معهم من السفراء والملحقيات الثقافية ونفخر بالجامعة الهاشمية التي أولت ذوي الاحتياجات الخاصة جل الاهتمام والعناية ولدينا برنامج بكالوريوس وماجستير بالتربية الخاصة وقد زارنا سمو الامير رعد وابنه سمو الامير مرعد وايضا كرمنا بل ينعتنا باحسن الاسماء لاننا نهتم ونعتني وبنينا مسارات خاصه لمن لديهم مكرمات كما اسميها وليست اعاقات
انا اقول
المعاق من يملك قلبا وعقلا وعينين ويدين ولا ينتج في المجتمع هذا هو المعاق اما الذي سلبه الله نعمة واعطاه نعم هذا مكرم من المكرمين
وما مجيئي وقد كنت بالامس في العراق الحبيب وصلت الساعة ١٢ ليلا واليوم لدي مناقشتين رسالة ماجستير في الجامعة العاشمية واثرت ان آتي لاشارك الصحب الكريم هذا اللقاء الطيب حتى نبث من العزيمة والدافعية في ابنائنا وبناتنا واهليهم الذين يعيشون معهم صباح مساء ...فلكم من القلب تحية ومن الجامعة الهاشمية اجمل التحيات راجيا لكم ولابنائكم وبناتكم التوفيق والعون وشاكرا من حضر اليوم حتى نجتفي بهذه الكوكبة في بلدنا الحبيب تحت ظل الراية الهاشمية