إن ما اتُبع من سياسات إصلاح مجتزأة في بعض المؤسسات والدوائر خلال العشر سنوات الماضية لم يحصد النجاح، حيث اعتمدت اغلبها على إصلاحات أحادية الهدف متجاهلة بناء منظومة متكاملة تطال جميع مفاصل التطوير والتحديث
حان الوقت للاعتراف بأن كل ما اتُبع من سياسات إصلاح مجتزأة لم ينجح في معالجة التحديات ويجب ان ندرك جميعا أن بناء المؤسسات الراسخة عملية متكاملة تتطلب عدم إغفال أي من التحديات، بعيداً عن المصالح والامتيازات الشخصية وأن التركيز على هدف معين واحد يحتم إغفال كل الأهداف الأخرى وحين نخفق في تحقيق حتى الهدف الواحد، نتغاضى عن الإخفاقات وكأنها لم تحصل، ونمضي قدما في سياساتنا رغم قصورها عن الوصول إلى الهدف المنشود لذلك جاءت الاوراق النقاشية الملكية لتكون بمثابة خارطة طريق لجميع مفاصل الدولة حيث أن بناء المؤسسات العميقة، التي وحدها تحمي الاستقرار وتحقق الازدهار.
لقد ركزت الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك حفظه الله على أن تطوير الإدارة الحكومية مسيرة مستمرة تخضع لمراجعة وتقييم دائمين. وعليه، يجب تحديد مواطن الخلل والقصور والاعتراف بها للعمل على معالجتها، وإرساء وتفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة كمبدأ أساسي في عمل وأداء مؤسساتنا وفي جميع طبقات ومراحل الإدارة الحكومية، بحيث يكافأ الموظف على إنجازه ويساءل ويحاسب على تقصيره وإهماله. كما يجب تحقيق تنمية شاملة مستدامة تشمل جميع القطاعات وتضمن توزيع عوائد التنمية على أنحاء المملكة كافة بشكل عادل.
نمط مخجل بات يسود لدينا هذه الأيام، حينما يخرج شخص ما أو مجموعة لتزايد على الآخرين باسم «الوطنية» نمط «يخلط» بصورة مخيفة ما بين «الانتقاد البناء» ، وما بين «الانقلاب» والتشهير والتقول على كل من يعمل ويطور ويجتهد من يحاول أن يزايد على المخلصين من أبناء الوطن في وطنيتهم، هؤلاء عليهم إعادة حساباتهم، فليست الوطنية أن تتحول إلى «مخادع» أو «منافق» ، ليس من حب الوطن أن تحاول «تزوير» الحقائق، فتسعى لطمسها، أو تشويهها ، أو إخفاء الواقع وإبداله بخيالات غير صحيحة، بل هذه الممارسة هي الأشبه بـ«الخيانة» الصريحة بحق الوطن من اجل اجندة واهداف شخصية.