عندما دعت السيدة الأردنية للبواسل، تفتحتْ في الغوْر أبوابُ السمـاء، و استجاب الرب للدعاء، و انتصر الأشاوس على أعداء الأرض و الأوطان،
فأينع الدحنونُ و الإقحوان الذي نبت في أرض رويت بدماء الشهداء، و على ضفاف نهر الأردن نصبت رايات الإنتصار ببهجة و عنفوان، و ترسخ في المكان و في ذاكرة الأذهان ذلك التاريخ و تلك الواقعة على مر الزمان، و حفر في عقول الأجيال المتلاحقة أسماء أبطالنا الأحرار، و ملئت القلوب روعة و أنسا، و هدأت الأرواح بعد أن كانت تعيش صراع الدم و الكرامة حتى حصلت على الإجلال و الكرامة.
وبعد الإنتصار في معركة الكرامة قال المغفور له بإذن الله جلالك الملك الحسين بن طلال : "الصلف والغرور يؤديان إلى الهزيمة، الإيمان بالله والتصميم على الثبات مهما كانت التضحية هما الطريق الأول إلى النصر".
منذ التاريخ و الأردن يتصدى للخطوب التي تحدث للمنطقة، و له الدور البارز في حل القضايا العربية و الإقليمية، فهو صمام الأمان للأمة، و حامل شعار العروبة و المؤمن في البعد القومي العربي الذي يعتبر جزءا من تكوين الهوية الوطنية الأردنية ، و يتجسد دور الأردن في كثير من المواقف التي ظهر بها ثابتا، حازما، قويا و مبادرا إنسانيا، و سياسيا دبلوماسيا.
و بالرغم من الصراعات الدائرة في الإقليم إلا أن الأردن وقف ثابتا مستقرا مؤمنا بهويته الوطنية الأردنية و القائمة على المواطنة الفاعلة، و المسار الإنساني، و العمق التاريخي و القومي العربي، و المكانة الجيوسياسية، و الحقوق السياسية و المدنية، و المساواة في الكرامة و سيادة القانون، فالهوية الوطنية الأردنية حملت العروبة بين يديها مجتمعيا ونسجت وطنا متماسكا و بلورت وحدة وطنية متينة، و أتقنت الدورين السياسي و الدبلوماسي الحقيقيين.
تعتبر معركة الكرامة و التي حدثت في عام ١٩٦٨ على الضفاف الشرقية
لنهر الأردن في قرية الكرامة من أهم المعارك التي خلدت في تاريخ العالم، و قد جاءت بعد نكسة ١٩٦٧ و احتلال قطاع غزة و الضفة الغربية و الجولان السورية و جنوب لبنان، و قد استمرت المعركة ١٦ ساعة بين الجيش الأردني و بعض الفصائل الفلسطينية و جيش الكيان الصهيوني، حتى انتصر الجيش الأردني و عم الفرح في الأرجاء، و بالرغم من أن جيش الكيان الصهيوني كان قد اعتبر هذه المعركة وكأنها (نزهة) على حد وصفه، يعني باعتقاده لن يكون هناك قوة و عتاد ولكن الحق قد انتصر و تخلدت الكرامة على أرض الأردن و خسر العدو وانحنى مهزوما مدحورا.
معركة الكرامة هي أول انتصار للعرب و أول هزيمة جسيمة للكيان الصهيوني أمامهم، و هي المعركة التي جسدت معاني العروبة و الكرامة و دافع القوة و الوجود و الأرض، و هي الحكاية التي إذا سمعناها أصابتنا نشوة الفخر و لامسنا شعور العزة ، و رافقنا تاريخ يذكرنا بأننا سنبقى ندافع عن شرفنا و كرامتنا لآخر لحظة.
وستبقى معركة الكرامة تاج الهيبة و الوقار الذي يرافق الأردنيين على مر الزمان.