لقد ظلت الاردن وفلسطين ولعصور طويلة تعامل معاملة واحدة وتخضع لظروف متماثلة الى حد بعيد، ويكون الأردن وفلسطين القسم الجنوبي من المنطقة التي عرفت تاريخياً وجغرافياً في العهود الإسلامية باسم بلاد الشام، واسماء عديدة منها: سورية الكبرى ، الهلال الخصيب ، المشرق او الليفانت.
وبالإضافة إلى الوحدة التاريخية بين الأردن وفلسطين ، فقد خضع هذان الإقليميان الى حالات وظواهر تاريخية متشابهة إلى حد بعيد ، فقد كانت هاتين المنطقتين مأهولتين بالسكان قبل نصف مليون عام ، وظهرت فيهما مؤشرات الحضارة في أوقات متقاربة جداً.
كما خضعت الأردن وفلسطين معاً الى موجات بشرية واحدة كالموجة الامورية – الكنعانية في الألف الثالثة قبل الميلاد، ونتج عن ذلك التماثل في الظواهر العمرانية كظهور المدن المسورة المحصنة التي كانت كل منها تشكل دولة ، كما أن كلا الاقليمين كانا يعاملينِ معاملة واحدة من حيث الغزوات العسكرية والاستعمارية.
وظلت تعرف جغرافية البلدين كوحدة طبيعية واحدة بأرضها وسكانها حتى نهاية الحكومة العربية التي شكلها الملك فيصل في سوريا بعد انتهاء الثورة العربية الكبرى. ومع مطلع عام 1920م، بدأت الحكومات الاستعمارية تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ لم تعهدها المنطقة من قبل، وكان قد سبق ذلك التقسيم القرار الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا بلفور عام 1917م، القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، هذا التحدي الذي قاومه الشعب العربي الفلسطيني من خلال ثورات عديدة، سانده فيها الشعب الأردني الذي مد يد العون والدعم البشري والمادي للشعب العربي الفلسطيني لمساندته ضد الاستعمار وتحرير الأرض والانسان.
ورغم قلة امكانيات الأردن وشعبه آنذاك، إلا ان الشعب الأردني قدّم طلائع الشهداء في سبيل حرية فلسطين العربية، وكانت باكورة الدعم الأردني للفلسطينيين مساندة القبائل الأردنية للشعب الفلسطيني في مهاجمة المستعمرات اليهودية عام 1920م ، وكان كايد مفلح العبيدات من كفرسوم أول شهيد أردني على ثرى فلسطين.
وعندما أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين العرب واليهود في نوفمبر 1947م رفض الفلسطينيون ذلك، وكان الأردنيون في طليعة المتطوعين العرب الذين لبوا نداء الواجب لنصرة أشقائهم الفلسطينيين لمنع تنفيذ قرار التقسيم. وخلال حرب عام 1948م شارك الجيش العربي الأردني في معركة تحرير فلسطين، واستطاع أن يحافظ على الغور الأردني ومدن القدس ورام الله واللد والرملة.
وحدة ومصير مشترك:
وبعد الحرب، وعلى إثر توقيع هدنة دائمة، اتفقت قيادات فلسطينية وأردنية على حقيقة أن خير ضمان للمحافظة على الأراضي الفلسطينية، هو توحيد ما تبقى من الأراضي الفلسطينية مع شرق الأردن. فعقد على الفور مؤتمران احدهما في عمّان والأخر في اريحا، وخرجا بنتيجة واحدة مفادها مبايعة الملك عبدالله بن الحسين حاكما على فلسطين والأردن، فوافق مجلس الوزراء الأردني على قرارات مؤتمر أريحا، ورفع مشروع القرار لمجلس الأمة الأردني الذي قدّر عاليا جهود الملك عبدالله الرامية لتحقيق الوحدة العربية، فأصدر المجلس قانون خاص للادارة العامة يتم بموجبه وحدة الأردن والضفة الغربية وبحق الشعب الفلسطيني المشاركة في الحكم، فكانت أول حكومة أردنية عام 1949م بعد الوحدة تضم ثلاثة وزراء فلسطينيين لتمثيل الضفة الغربية.
ورغم المصاعب التي واجهت وحدة الضفتين ، إلا أنه قدّر لهذه الوحدة أن تظهر لحيز الوجود عام 1950، لتكون أول وحدة عربية تعبر عن آمال وطموح الشعب العربي الكبير بتحمل الشعبين الأردني والفلسطيني مسؤولية الدفاع عن فلسطين وتقاسم الأدوار الأردنية - الفلسطينية ضمن نسيج اجتماعي ووطن واحد ومصير مشترك