الكارثة النووية التي ضربت اليابان ، وأودت بحياة الآلاف ، وكلفت مئات المليارات من الدولارات ، جاءت لتقدم درسـاً لنا نحن في الأردن الذي (كان) بعض مسؤوليه يفكرون ببنـاء مفاعلات ذرية لتوليد الطاقة الكهربائيـة.
لم نكـن بحاجة لهـذه الكارثة لكي نصحـو ونتوقف عن اللعـب بالنار ، فحتـى أميركا التي تستعمل 104 مفاعلات لتوليد 20% من الطاقة الكهربائية اللازمة لها ، توقفـت عن بناء المفاعلات الذريـة منذ 15 عاماً ، وأخـذت في شطب المفاعلات الموجودة وإحالتها على التقاعد واحـداً بعد الآخر على ضوء النتائج.
اليابان في مقدمة دول العالم في مجال التكنولوجيـا الذريـة ، ومع ذلك لم تستطع أن تتعامل مع مفاعلات تتفجـر واحداً بعد الآخر ، وتلوث الماء والهـواء والغذاء بأشـعة مؤذية تصل إلى ألف ضعف المسـتوى المسموح به ، فكيف يستطيع الأردن أن يتعامل مع كارثة مماثلة لا سمح الله ، خاصة وأن الأردن يقع في منطقة زلازل تحدث بشـكل روتيني في جنـوب المملكة وشمالها وغربها ، وتستعمل شـعبياً كتاريخ فيقال أنه ولد في سنة الهـزة!.
نسـتطيع الآن أن نـودّع عشرات الملايين من الدنانير التي صرفت حتى الآن في متابعة مشروع المفاعلات الذرية الذي يقـوده الدكتور خالد طوقان ويتحمس له كمشروع شـخصي بصرف النظر عن جميع الاعتبارات.
تقارير المختصين أثبتت أن المشروع غير مجـدٍ فنياً واقتصادياً ، فضلاً عن عـدم توفر الماء للتبريد ، وصعوبة التخلص من النفايات الذريـة ، ناهيك عن التعامل مع الكوارث والأعطال.
إذا كانت تقارير الفنييـن الذين ينظرون إلى المشروع موضوعيـاً وليس عقائدياً ، تكفي للتخلي عنه ، فإن كارثة المفاعلات الذرية في اليابان تكفي لإقامة صلاة شـكر لله على أن الأردن لم يتـورط بعد ، وأن التراجع الآن يحول دون حدوث خسائر هائلـة كانت على وشـك الحدوث.
إسـرائيل أقامت مفاعلاً ذرياً في ديمونة ، ليس لتوليد الكهرباء ، فوسائل التوليد الأخرى أجدى ، بل لصناعة القنابل الذرية ، وهي خارج نطاق المشروع الأردني.
رب ضارة نافعة ، ومصائب قـوم عند قـوم فوائـد ، والكارثة اليابانية التي نشـهدها اليوم سـتحول دون كارثة أردنية كان يمكن أن نشـهدها في المفرق والعقبة في المستقبل.
الراي.