الدينار المستقر علامة نجاح
عصام قضماني
18-03-2024 01:43 AM
البنك المركزي يتمتع بالمهنية ويدير قراراته على أسس فنية متخصصة وقد ظل بعيدا عن التسييس حتى في ظل أزمة عام ٨٩، عندما ترك ليتصرف باستقلالية تامة. تذكرت ذلك وأنا استمع لتكرار رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة ما درج كل رؤوساء الوزراء المتعاقبون منذ تلك الأزمة على التاكيد عليه في استقلالية البنك المركزي بشكل لا يقبل التأويل.
لدينا اليوم دينار مستقر يتمتع بكل أشكال الحماية والدعم ما يجعل تكرار ما حصل في عام 1989، صعبا ومعنى الاستقرار هنا هو سعر صرف قابل للتحويل بما يخدم الاقتصاد لا يقوى أكثر من اللازم ولا يضعف أكثر من اللازم.
عام ٨٩ شحت العملات الأجنبية من البنك المركزي، لكن الأمر اليوم مختلف فاحتياطي البنك من العملات الأجنبية تتجاوز ١٨ مليار دولار ومن الذهب ما قيمته 3.445 مليار دينار.
نستطيع القول أن مثل هذه النتائج هي حصيلة السياسات التي بدء العمل بها لتجاوز الأزمة آنذاك.
البنك المركزي اليوم يسيطر على سوق الصرف وهو قادر على تلبية الطلب بأية كميات من الدولار وقادر أيضا على فعل الأمر ذاته بالنسبة للدينار.
في عام 1996 شهدنا تثبيت الدينار الأردني بالدولار عند مستوى 41ر1 دولار للدينار، وقد كان قرارا حكيما عزز من استقرار الدينار ومنذ ذلك الوقت لم يتغير سعر الصرف، وظل كل مواطن قادر على تحويل دنانيره إلى دولارات أو بالعكس كما يشاء بسعر ثابت، ومنذ ذلك الوقت لم نلمس لأزمة عام ٨٩ أية تداعيات على أسعار الصرف.
بالرغم من الربط حافظ البنك المركزي على فرق مريح بين هامش سعري الفائدة بين الدينار والدولار وتمكن المدخر من الاحتفاظ بمدخراته بالدينار أو الدولار، لكن الفرق أن الدينار يكسب فائدة لا تقل عن 4% سنوياً.
خلال كل تلك السنوات من التطبيق الناجح لسعر الصرف الثابت الذي اكتسب مصداقية عالية، لم تهتز أسعار الصرف فالمعادلة خدمت الاقتصاد الوطني وكان لها تأثير إيجابي على التضخم وهي من أهم عوامل نمو الصادرات.
الوضع النقدي الحالي لا يشبه ذلك الوضع المأساوي من قريب أو بعيـد، فالبنك المركزي يملك مليارات من الدولارات الحرة غير ودائع البنوك لديه بالدولار، وبالتالي فهو قادر على دعم الدينار وتلبية الطلب على الدولار، خاصة وأن ما يملكه البنك المركزي من العملات الاجنبية يعادل اضعاف القيمة المطلوبة بموجب المعايير الدولية.
الجهاز المصرفي الأردني هو اليوم في أحسن حالاته والبنوك تتمتع برساميل قوية واكثر من كافية، وتمكنت ليس من رفع ودائعها وتسهيلاتها بنسبة عالية وحسب، بل زيادة أرباحها بشكل ملموس أيضاً.
النتيجة أن الأردن الذي يعاني من صعوبات مالية تمكن منذ ذلك الوقت من الحفاظ على وضع نقدي سليم، واستقرار الدينار الأردني، الآن وفي المستقبل المنظور، مما يجعله جاذبا للمدخرات، وقابلاً للتحويل إلى دولارات بسعر صرف ثابت ومستقر وهو في محل ثقة للمستثمرين والمغتربين.
ظل البنك المركزي منذ عام ٨٩ يقوم بدوره حارسا للدينار ولا يزال، ومن هنا نفهم ما يحرص رئيس الوزراء في كل مناسبة على تكراره بشان استقلالية البنك إدارة وقرارا.
الرأي