لا احد يريد لرياح التغيير التي هبت على المنطقة ان تذهب دون ان تحصد الجماهيرالعربية شيئا حقيقيا يلبي مصالحها السياسية والاقتصادية, ابتداء من تحسين الاوضاع المعيشية وإنهاء الفساد ورفع الظلم والاستبداد وفرض قيم جدية تتسم بالديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان والمشاركة في صنع القرار.
فالتغيير يحتاج الى لحظة تاريخية تسندها مصالح شعبية وقيادة قادرة على الوصول الى بر الامان وقطف الثمار, وهذا ينطبق على الوضع الاردني, فالكل مع التغيير والاصلاح, من رأس الدولة الى المواطن في اخر نقطة حدودية, لانه مصلحة وطنية, تقرر بالاجماع او بالتوافق على اسس اللعبة الديمقراطية وخط سيرها ونتائجها, دون استفراد من اي جهة كانت لانها مهمة لا تقبل التأجيل او الفشل.
لذلك لا نريد من جماعة الاخوان المسلمين (الراشدة) ان تذهب في الخصومة مع الدولة وشخصنة الخلاف مع رئيس الوزراء الى غير رجعة على وقع الظلم الذي لحق بها جراء تزوير انتخابات 2007 او قضية جمعية المركز الاسلامي او حتى قضية حماس, فالسياسي الحقيقي لا يعرف الحقد او الانتقام, و"الجماعة" يجب ان تساعد في الاصلاح لا ان تعطله.
والمضي في التصعيد ليس في مصلحة احد, بل على الجميع امتصاص الازمة وتهدئة الخواطر والبحث عن حل للمأزق, بعيدا عن المكابرة والتخويف, لكن على قواعد اصلاحية واضحة تحفظ النظام السياسي وهويته وتغلق اي منافذ يمكن ان يعبر منها المشروع الصهيوني "الحكم البديل في الوطن البديل".
فالاخوان المسلمون وتعبيرهم السياسي حزب جبهة العمل الاسلامي, جزء من النسيج الوطني لكن يجب ان لا يقعوا في إغراء انهم اكبر حزب سياسي, وان الدولة في موقف ضعف ويدفعهم ذلك الى الذهاب في المطالب الى اقصاها (قانون انتخاب على الكثافة السكانية وملك يملك ولا يحكم) فهذه قضايا خلافية حادة تمس جوهرالدولة والهوية الوطنية, لا يمكن تمريرها بسهولة.
ان التركيزعلى حل البرلمان ليس مكسبا سياسيا (رغم موقفنا منه) لان مبدأ الحل غير ديمقراطي ومن يطالب بالحل اليوم, قد يقع ضحيته لاحقا, واقالة الحكومة لن تغير شيئا إن لم يتغير النهج, لذا على الجميع ان ينتظم في عملية اصلاحية واضحة السقوف والنهايات, لا تخيف اي طرف, فاللعبة الديمقراطية للجميع ولا يمكن لطرف ان يضع شروطها ويحصد نتائجها وحده.
وقصة الاغلبية البرلمانية يجب ان يخشاها "الاخوان" اكثر من غيرهم, فهي مصيدة في المرحلة الحالية, وهم لم يختبروا عمليا في الاردن كبرنامج سياسي وموقف من الدولة المدنية وفصل الجانب السياسي عن الجانب الدعوي, والاسئلة كثيرة برسم الاجابة.
nghishano@yahoo.com
(العرب اليوم)