المراكز الثقافية الاستثمارية ومسؤولية "التربية"
فيصل تايه
16-03-2024 11:53 PM
تعاظم دور المراكز الثقافية في المشهد التعليمي الأردني بصورة مطردة منذ سنوات مضت، ولم يكن ذلك وليد تلك السنوات ، لكن هذه المراكز، على "كثرتها" ، لم تقدم شيئاً إلى قطاع التعليم، وما انتشارها سوى طفرة، كان وقودُها تراجع دور المدرسة ، بسبب ان "بعض" المعلمين العاملين في المدارس الحكومية يعملون عملا اضافياً "بعد دوامهم" كمعلمي "دروس تقوية" في تلك المراكز ، ذلك ان عطاءهم في تلك المراكز يكون "مكتمل الاركان" ، ما ادى الى إتكاء الطلاب والأهالي على الدروس الخصوصية وإهمال العملية التعليمية في الغرف الصفية ، ما ادى الى ظهور منحيات كبيرة في مسار العملية التعليمية ، رغم أن المادة "٦٩" من نظام الخدمة المدنية حظرت على الموظف العام وتحت طائلة المسؤولية العمل خارج أوقات الدوام الرسمي دون إذن ، وبذلك فان النص القانوني يحظر على المعلم الذي يعمل في وزارة التربية والتعليم إعطاء الدروس الخصوصية، سواء كان ذلك بشكل فردي أو من خلال المراكز ، كا يحتاج الى تعزيز الدور الرقابي من الجهات المسؤولة .
اننا نعلم تماماً ان الفئة الأكثر استهدافا من قبل المراكز الثقافية في برامجها النفعية هم طلبة الثانوية العامة وسرعان ما شملت اغلب المراحل الدراسية من قبل بعض تجار المناهج حيث اصبح البعض يشبه عمل المراكز الثقافيه وبرامج دروس التقويه فيها بعالم البورصة ، فهل هو ملعب للربح والتجارة ام محاولة للمساهمة في رفع مستوى الطلبة التعلمي ؟ ويبقى السؤال عالقا هنا !؟ ، الا ان من الملاحظ ان تلك المراكز الثقافية "الاستثمارية" بدأت "برامج التقوية الخاصة بها " تتوغل عمقا في عمان وباقي المحافظات ، فيما تغيب "برامج التقوية المدرسية الاضافية " عن الكثير من المدارس ، اذ تلعب هذه الثقافية الجادة بكوادرها التعليمية المعروفة دورا فاعلا لمساعدة الطلاب وتعويضهم عن ما هو صعب عليهم فهمه واستيعابه ، واختصار المواد الدراسية باستخدام مناهج الظل من ملخصات ودوسيات كبدائل للمناهج الرسمية ، والتي يقبل عليها عدد كبير من طلاب المدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة من طلبة الثانوية العامة تحديدا على إعتبارها البديل للضعف المدرسي وخاصة أولئك الذين يعانون من صعوبات في الفهم أو لا يملكون القدرة على التركيز طوال الوقت خلال الحصص الصفية المدرسية امام ضعف أداء بعض الكوادر التعليمية او صعوبة المناهج الدراسية المقررة .
ان بامكان وزارة التربية والتعليم تفعيل دور مراكز التقوية التعليميه الاضافية المسائية ، التي سبق وكانت فاعلة عبر سنوات مضت لقاء مكافآت رمزيه لنخبة من معلميها القادرين على المشاركة بهذه البرامج حيث من الممكن ان تعتبر مراكز التقوية والتي تأخذ من المدارس الحكومية مقرا لها رديفا او بديلا ايجابيا للمعاهد والمراكز والدروس الخصوصية التي تستنزف جيوب «أولياء الأمور» بشكل كبير ، فمراكز التقوية المدرسية الحكومية يجب ان تكون نتاج مشروع متكامل تشرف عليه ادارة التعليم العام وادارة التدريب والتأهيل والاشراف التربوي في وزارة التربية والتعليم لضمان سير العمل بخطى ايجابية بعيدا عن الاستغلال أو الطمع من خلال توكيل هذه المهمة لمعلمين معروفين كفء لهم خبرة في الميدان التربوي وعلى تواصل دائم مع الطلبة حيث ان إشتراك الطلبة في مجموعات التقوية أمر اختياري بالنسبة لهم ، مما يعزز دور مراكز التقوية الاضافية الحكومية في تقوية أداء الطلبة في المواد الدراسية الصعبة نظراً لأنها تعمل تحت إشراف معلمين متخصصين ، وهنا دعونا نؤكد أن الخدمات التعليمية التي تقدمها مراكز التقوية في المدارس الحكومية يمكن ان تساعد الطالب على فهم الدروس التي قد يواجه صعوبة في فهمها ، وكذلك التدريب على نماذج عدة من الأسئلة ونماذج امتحانية مختلفة بما يعزز مهارات التفكير لديه.
كما ويمكن تحديد أسعار رمزية لدروس التقوية طوال العام الدراسي في ظل المبالغ التي تتطلبها الدروس الخصوصية أو المعاهد ، حيث تعد خطوة لتحسين مخرجات الطلبة الضعاف في مختلف المواد الدراسية ، إلى جانب توسيع مدارك الطلبة المتميزين والإجابة عن مختلف استفساراتهم والتي تؤهلهم لافضل المخرجات ، خاصة أن هذه المراكز تتبع وزارة التربية والتعليم ، حيث وكما سبق واشرت يشرف على الطلبة كادر اداري وتعليمي من الميدان التربوي ذو كفاءة عالية ولديهم خبرة واسعة في التعليم ويمتلكون مهارات واستراتيجيات ومعلومات تساهم في إفادة الطلبة اكاديميا وتعلميا .
وأخيرا فأن مؤشرات النتائج التي يمكن حصدها من وجود هذه المراكز والاشراف عليها بهمة وجدية والعائدة على الطلبة ستعد مرتفعة لأنها تمنح الطالب فرصة أوسع للتعلّم وتساهم في تحسين الفاعلية بينهم وبين المعلمين المتمكنين ، وتكون البديل عن الدروس الخصوصية وبعض المعاهد الخاصة.