facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الهوية الحزبية والهوية الوطنية الاردنية


د. محمد العزة
16-03-2024 03:07 PM

عروبية الهوى وحدوية المعتقد فلسطينية البوصلة أردنية العقيدة والجسد هكذا تشكلت وبنيت الهوية الوطنية الاردنية وكانت الأساس التي رفع عليها بنيان الدولة الاردنية وحددت ملامح نظامها ودستورها والخلفية الثقافية لشعبها وصهرت عاداته وتقاليده وهوياته الفرعية في لوحة فسيفسائية قل نظيرها .

ومنذ فجر الدولة الاردنية من عهد الإمارة إلى بداية عهد الاستقلال واعلان المملكة الاردنية الهاشمية اتضح تأثير هذه الهوية في رسم سياسة الدولة الاردنية وطبيعة علاقاته مع محيطه العربي والاقليمي والدولي وتبني نموذج الدبلوماسية المعتدلة والمتزنة في التعامل والتفاعل مع قضاياه في سبيل مواجهتها وتجاوزها و التي كانت على رأسها القضية الفلسطينية ، القضية المركزية للسياسة الاردنية ، ومن هنا كان الأردن يقدم نموذج الهوية الوطنية الاردنية، ولعل الاختبار الأول والحقيقي لصدق هذا النموذج كان في نكبة فلسطين عام ١٩٤٨ ليضرب الأردن اروع أمثلة الالتحام واللحمة ووحدة الحال مع أبناء عروبته وشركاء جغرافيته، حيث استطاع التعامل مع احتضان أبناء شعبنا الفلسطيني الذين هجروا نتاج مخطط صهيوني امبريالي لاقامة دولة يهودية على حساب أصحاب الأرض الذي لم يستبعد الأردن منه ، ومن قبلها كان الأردن الحصن والحضن الآمن لكل من غادر وطنه قسرا من القوقاز وبلاد الشام.

مع بداية خمسينات وحركة الاستقلال للدول العربية وصعود أنظمتها السياسية التي تأثرت بامتدادت القطبية العالمية مابين الشيوعية الاشتراكية السوفياتية والليبرالية الرأسمالية الأمريكية والغربية ، التي لم تغب تجليات هذه الحالة عن الساحة الاردنية وخصوصا مع اشتداد وتيرة الصراع العربي الاسرائيلي وتعقيداته وبروز المد الناصري وتصدره لصراع الانظمة الجمهورية ضد الانظمة الملكية ودولها حسب المنظور السياسي لذلك التيار وعلى اثره ظهر في الأردن طيف الاحزاب التابعة والمتأثرة بفكر هذه الحالة فكان هناك الحزب الشيوعي الاردني واحزاب الحركة القومية البعث بشقيه وحركات التحرر الوطني الفلسطيني وما تفرع منها مشكلة نواة اليسار الاردني الذي قابله في اليمين النشاط الحزبي والعمل السياسي للاخوان المسلمين وإن كان هذا النشاط لم يكن تحت مظلة حزبية الا انه كان يتبع تنظيما بتراتبية ملتزمة وعقيدة سياسية مؤدلجة ، ولعل اكثر ما يميز هذه الفترة وضوح البناء السياسي لليسار واليمين الاردني مع غياب وسط حزبي واضح المعالم الذي استعاضت عنه الدولة بثقل الأفراد العشائري وان كانوا من إحدى الجناحين او كلاهما ، وعليه نجح الأردن في ان يظهر بصورة الدولة الديمقراطية القادرة على استيعاب الحراك الحزبي والتعامل معه بشكل متزن على نقيض دول الجوار العربي الذي طغت فيه الصراعات وحملات التصفيات والانقلابات داخل الحزب الواحد او مابين تيارات القوى السياسية فيه ، بل تعدى إلى تصدير حالة الصراع والحرص على تأكيد مفاهيم الولاءات والانتماءات لها ،الأمر الذي اثر على حالة الحزبية الاردنية التي لم تنضج بعد بما يمكنها من استيعاب طبيعة نشأة الدولة ومتطلباتها واولوياتها في مرحلة كانت تعتبر من المراحل المفصلية في تاريخ الأمة والمنطقة، ولم تقدم هذه الاحزاب اي برنامج يعكس فكرها السياسي الدال على هويتها الحزبية حيث انشغلت في طرحها ونقاشاتها وخطاباتها وإثبات تبعيتها واتباعها لمراكز القوى السياسية المصدرة لذلك الفكر الحزبي بجميع اطيافه واطرافه، وهنا حدث الافتراق مابين الدولة الاردنية واحزابها التي لم تستوعب عقل الدول والذي هو استوعبها واتاح الفرصة لممارسة نشاطها وتفاعلها مع الشارع بدون تقديم اي نموذج لبرامج وطنية أردنية لمناهج اقتصادية واجتماعية وإدارية، الذي شكل قناعة ان هناك من يتعامل مع الأردن كساحة ومساحة لإظهار طيفه الحزبي واستعراض قوة نفوذه السياسي ومدى الارتباط بالمركز الخارجي للحزب وفلسفته ونهجه، وعليه اتخذت الدولة القرار بتجميد العمل الحزبي ، ومع عودة الحياة الحزبية في عام ٢٠٢٢ من المئوية الثانية مدعومة برؤية ملكية ومنظومة سياسية محدثة اخذت بعين الاعتبار ضرورة الانخراط والمشاركة والإصرار على دور المرأة والشباب فيها والاعتماد على البرامجية الهادفة إلى تطوير المسار الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي للدولة الاردنية ومضمون يكون قلبه وفكره ورئته تتنفس من البيئة الاردنية السياسية الحاضنة الدالة على مظلة وهوية وطنية أردنية جامعة مبادرة مبتكرة قادرة على وضع الاستراتيجيات والمشاريع التي تشكل مفتاح الحل للعديد من مشاكل وتحديات الوطن الاردني ،تتجاوز فيها أخطاء التجربة الحزبية الماضية حيث مازال بعضها لم يستفد من تجربتها فنجد أقصى اليسار يراوح مكانه في القطب المتجمد يمارس لغة الخطابات والكتابات الحماسية البعيدة عن التحليل والمنطق والأهداف والحلول كما هو حال أقصى اليمين القاطنين في القطب الحار الحارق الذي يغلب عليه سلوك الاندفاع والصدام واشعال الحرائق دون أن يحترق.

والذي تطلب ظهور يسار ديمقراطي اجتماعي اصلاحي او يسار جديد كما وصفه بسام حدادين قاده نخبة سياسية تؤمن بهذا التيار كمشروع وطني للتغير معتمدين على فكر سياسي ديمقراطي وبرنامج اقتصادي اجتماعي أردني طبقوا عمليا بنود ومرتكزات هذا التيار الذي يطرح نفسه البديل السياسي في واجهة التمثيل السياسي وإدارة الحكومة مستقبلا للاحزاب التقليدية واحزاب أقصى اليسار ومن أقصى اليمين الذي انشق عنه لاحقا قوى شكلت ما يسمى وسط اليمين الذي يعطي مؤشرا اننا نسير نحو حياة حزبية برامجية تؤمن بهوية الدولة الوطنية الاردنية ولا خيار عنها ولا اتجاه لبوصلتها الا نحوها ولا قبلة الا لها اذا أردنا نجاحا للحفاظ على وطننا ومسيرته الديمقراطية الحزبية تعكس روح وملامح هويته الوطنية الاردنية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :