انحيازا إلى أخلاقيات 24 آذار
باتر محمد وردم
28-03-2011 02:46 AM
إذا حاولنا أن نزيل مؤقتا الصورة المأساوية لأحداث يوم الجمعة الماضية، فإن هنالك دفقا من الأمل يمكن أن نتلمسه ونشعر به صادرا عن دوار الداخلية ويتمثل في قيام مئات من الشباب الأردنيين غير الحزبيين والمنتمين لكافة الأصول والمنابت الجغرافية وكافة الطبقات الاجتماعية بتجاوز الحاجز الدائم الذي منعهم من المشاركة السياسية الميدانية وتمكنوا من أن يتضامنوا معا في تجربة استمرت لمدة 28 ساعة كانت أهم من 28 سنة من التعليم النظامي وغير النظامي.
تجربة اعتصام 24 آذار لم تكن نموذجية تماما. كانت هنالك أخطاء تمثلت في سوء اختيار الموقع (في حال افترضنا حسن النية وليس العمل المسبق على تهيئة الظروف لمواجهة حتمية مع الطرف الآخر) وكانت هناك شعارات وهتافات خارجة عن حدود اللياقة السياسية. ولكن في المقابل كان هنالك كتلة من شبان وصبايا أردنيين مليئين بالحماسة والطموح من أجل أردن جديد ومستقبل يتمثل في مشاركة سياسية أوسع وإصلاح يساهم في تعزيز استدامة الدولة ويضعها على الطريق الصحيح نحو الأمم الناهضة والمتحضرة ويواصل المسيرة التي نستمد جميعا أزرنا منها من رؤية جلالة الملك.
أنا أعرف العشرات منهم سواء معرفة شخصية أو عبر مراسلات إلكترونية وأعرف تماما أنهم اشخاص أنقياء وأذكياء ومنتمون لهذا الوطن ولكنهم وبكل اسف تعرضوا لتجربة قاسية جدا من خلال الاعتداءات المتواصلة من مجموعة مغرر بها لم تكن تمارس «حقا سياسيا وتعبيرا عن الرأي» بقدر ما كانت ترتكب إساءات لفظية وجسدية وعدوانا حقيقيا على مواطنين عزل. ما هو شعور من يخرج من أجل حلم بمستقبل أفضل للأردن وهو يتعرض إلى شتائم بذيئة ذات أبعاد إقليمية وعنصرية ويتعرض لخطر داهم على حياته؟ من كان في دوار الداخلية هم شبان كان يمكن أن يكونوا قادة وروادا في مستقبل إصلاحي للأردن، وهم ايضا يمكن أن يلعبوا هذا الدور في حال استعادوا الثقة بقيم الديمقراطية الأردنية وقيم العدالة السياسية.
لا أستطيع أن أجزم بعدم وجود نوايا غير نقية في قيادة هذا الاعتصام بهذه الطريقة وربما تكون مجموعة من اصحاب «الخبرة السياسية» قد حاولوا وضع الشباب في خط المقدمة لإنشاء نموذج جديد وجذاب من العمل السياسي لكنه واجهة لنفس الفكر المنغلق الذي يحكم عقلية بعض الاحزاب السياسية الأردنية المعارضة. ولا اشك أن هنالك محاولات حثيثة من قبل تجار ومحترفي المعارضة السياسية ممن أمضوا سنوات طويلة ينتقلون من حزب لآخر ومن حضن نظام قمعي عربي لمثيله أن يتسلقوا على الشعبية المتنامية لشباب 24 آذار ومطلوب من الشباب التحلي بالمعرفة والثقة والوعي الكافي لمنع اقتحام هذه المجموعة المتسلقة لأخلاقيات شباب 24 آذار واختطافها نحو مسار خاطئ.
مجموعة شباب 24 آذار اصبحت الآن ذات وزن سياسي مهم ومتزايد وعليها أن تدرك الأبعاد الأخلاقية لهذا الدور وأن تجنح إلى تقديم مطالبها بطريقة منظمة حسب الأولويات وبخطة عمل مدروسة حتى تكون نموذجا لعمل سياسي إيجابي وليس مجرد صوت آخر من أصوات الانتقاد والنزق التي لا تقدم حلولا. كما أن أعضاء المجموعة مطالبون بالحكمة والتروي وعدم الاستعجال وعدم الانفعال وراء تصريحات أو تصرفات غير مقبولة مثل إزالة مايكروفون التلفزيون الأردني ومن المؤمل أن يقدموا نموذجا أخلاقيا تستنير به الجهات الأخرى في الأطياف المتباينة التي تتنافس على تحديد ملامح الإصلاح المنشود، في حال كنا نريد إصلاحا بالفعل!
batirw@yahoo.com
(الدستور)