وثيقة حقوق المواطن /الاردنية 2011 ..
بشرى الرزي الزعبي
28-03-2011 12:22 AM
خلال سعيها لرفع الظلم قدمت الشعوب حول العالم وعبر التاريخ تضحيات كثيرة وسالت دماء ابناءها على يد حكامهم وانظمتهم التي تفاوتت في دكتاتوريتها وفي مدى قمعها لشعوبها وتفاوتت الشعوب في مدى حصولها على حقوقها بشكل مرضي ولازالت بعض هذه الشعوب تسعى جاهدة نحو هذا الهدف.
وفي خضم هذا السعي تطفوا الخلافات وتسود لغة التخوين وتتعدد الاصطفافات على اسس دينية وعرقية وجهوية وايدلوجية . وما نسمعه اليوم من مطالبات شعبية في الشارع هو قائمة من الاوجاع الحقيقية للمواطن في الفساد والتوريث وعدم توفر فرص عمل .. نعم معاناة الناس حقيقية ونواياهم طيبة وانتماءهم ليس محل شك . ونسمع منهم مطالب صادقة بالتغيير ، ولكن ماذا يريدون بعد التغيير ، وكما وصف ما حدث في مصر محمد حسنين هيكل حيث قال ان الشباب بسعيهم نحو التغيير فتحوا بابا مغلقا ولكن بعد ان فتحوه هالهم ما رأوا فعادوا على اعقابهم من هول ما رأوا . فالديمقراطية كلمة فضفاضة وتطبيقها يختلف من دولة الى اخرى ، والدستور صحيفة مثالية منزهة ولكنه يوفر فقط ضوابط على الطريق ولا يحدد الهدف ، والوطنية شعور بالفخر يلهم الناس للعمل وقد يندفعوا فيسقطوا ( طاغية ) ولكن الصعوبة تكمن في النهوض من الركام والبناء من الحطام . وان القادة العظام هم من يصنعون هدفا لشعوبهم ويوضحون رؤية المستقبل ، وليس القادة العظام من يقودون المظاهرات في الشارع .
لا يمكن ان نتجاهل ان هناك قوى خارجية بدأت تتدخل في المشهد العربي اليوم مدفوعة برغبة الحفاظ على مصالحها الحيوية او التأثير على النتائج لصالحها وان هناك من هم بيننا من قد وصلوا الى تفاهمات مع هذه القوى في وقت مبكر ولا نعلم عن فحواها شيئا ولكننا نستشعر اثرها . وان هناك ايضا عناصر وسط الساحة الداخلية قد اغرتها الساحات المفتوحة واستشعرت الانسحاب الممنهج لقوى الدولة من بعض المنعطفات فاندفعت للعب (بشطارة) حينا و(بصلافة) حينا اخر مدفوعة بنزعات واهواء شخصية وفردية تمثل رؤية قادتها ورغبتهم بالانتقام من ظلم قد يكون لحق بهم او( هكذا فسروه) على يد النظام او اذرعه الامنية في السابق وكما قال ديفيد ايغناتيوس / في الواشنطن بوست : ( ان الحظر ان تتحول الديمقراطية الوليدة الى فوضى وخلافات ، تليها العودة الى اعمال القمع ، وهو سيناريو شائع ما بعد الثورات ) .
وهذا ماحصل فعلا" في الثورة الفرنسية التي الهمت كل اوربا وايقونة كل الثورات في العالم المعاصر الا انها وقعت تحت تأثير حروب الردة وحركة (الثيرميدور)التي قادها الاقطاعيون واصحاب المصالح والمتنفذون ممن تأثروا من الدستوريه الملكية التي شكل فيها (لويس السادس عشر ) الملك الرمز وحاول رئيس وزرائه (صاحب الشرعية التمثيليه)بعد ان وجد خزينة الدولة فارغه حاول ان يجبي منهم الضرائب بعد ان كانت تجبى فقط من الفلاحين وعلى قاعدة المساواة التي انطلقت من اجلها الثورة ونادى بها جان جاك روسو وفولتر ومنتسكو الا ان هؤلاء من اصحاب الحظوه انقلبوا على النظام واعدموا الملك ودخلت فرنسا في حالة من اراقة الدماء والتعدي على الحرمات والممتلكات امتدت بين 1792وحتى 1799عندما حدث انقلاب نابليون بونابيرت وجنوح فرنسا نحو (الاوليجارشيه :التي تعني حكم الفئة المستنيرة افتراضا")
ماينقصنا اليوم هو (قائمة ) للمثل التي نجمع عليها وتكون ركيزتنا ومرجعيتنا لتحقيق التغير ولضمانه ان لا ننحرف في المستقبل.ان ما الهم الناس في اميركا واشعل حماستهم كان (وثيقة اعلان الاستقلال )سنة 1776التي مهدت لاستقلال الولايات الاميريكية الثلاثة عشر عن برياطانيا العظمى بسبب المظالم الاستعماريه للملك جورج الثالث .
وان عبارة :( ان جميع الناس خلقوا متساوين وانهم وهبوا من خالقهم حقوق معينة غير قابلة للتصرف ،وان من بين هذه الحقوق حق الحياة والحرية والسعي وراء السعاده )اصبحت اشهر الجمل في اللغة الانجليزية واكثر عبارة قوة وتراتبية في التاريخ الاميركي .
وعلى مر التاريخ فلقد كانت هناك الكثير من وثائق الحقوق تجسد مختلف الثورات والمعاناة والسعي نحو الافضل ،فكانت (الماجناكارتا)سنة 1215ووثيقة الحقوق الانجليزيه سنة 1689،ووثيقة اعلان حقوق الانسان والمواطن (فرنسا ) سنة 1789،والاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1950والميثاق الكندي للحقوق والحريات سنة 1982،وميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوربي سنة 2006 وانني اطمح بان يكون ( الميثاق حقوق المواطن/الاردني 2011 ) سنة 2011 والذي هو بمثابة صك منفصل للحقوق يعتبره الشعب هاما واساسيا ويتبنونه خارج الاختصاص العادي للهيئة التشريعية (بحسب التعريف ) واقترح ان يكون ضمن بنوده :
1- ليس للملك (ابو بواسطة وزرائه )تعطيل الدستور.
(ولا يجوز الغاء القوانين او وقف تنفيذها او اصدار قوانين جديدة الا بموافقة البرلمان )
2- ليس للملك ( اوبواسطة وزرائه ) التدخل في السير الطبيعي لاجراءات التقاضي قبل صدور الاحكام .
(ويمكن اصدار عفو عام او خاص بقانون بعد صدور الاحكام ).
3- ضمان انعقاد جلسات البرلمان بتكرار كافي.
( اقلها جلسة في السنة )
4- ليس للحكومة ان توقع اتفاقيات تجاريه حصريه او خصخصه ممتلكات الدولة دون موافقة البرلمان .
5- ضمان تمثيل جغرافي كافي وعادل للاردنيين في البرلمان .
(ممثل اواكثر لغاية 30.000مواطن وليس اقل من ممثل لكل 40.000 مواطن )
6- ضمان الفصل بين السلطات الثلاث .
7- لا تفرض الضرائب الا بموافقة البرلمان.
( وتعتمد مبدأ التصاعديه )
8- الحرية الشخصية للاردنين مصونة.
(وبضمنها حرمة البيوت والممتلكات والوثائق والاتصال الا بامر قضائي مبرر بقسم ومفصل يسمى الاماكن والاشخاص والممتلكات المقصودة)
9- ضمان حرية التعبير والنشر والصحافه والتجمع ورفع العرائض وتاليف الاحزاب للاردنيين
10- ضمان حق متساوي للاردنيين بالتقاضي المدني والعلني امام محاكم نظامية وضمان سرعة اجراءات التقاضي .
11- لا يجوز ايقاع عقوبة قاسية او ابعاد اي اردني ،ولا يجوز مصادرة اموال الاردنيين او فرض الاقامة الجبريه او الاعتقال او الشغل بدون حكم قضائي مدني .
12- ضمان حق متساوي بالتعليم والعمل للاردنيين .
13- ضمان حرية المعتقد والممارسه الدينية والتعايش للاديان السماوية .
14- للفلسطينين حقوق مصانه اكتسبوها منذ مؤتمر اريحا 1949واعلان الوحدة 1950ولغاية اعلان فك الارتباط 1988.وان حق العودة للفلسطينيين مصان، ولا يجوز انكاره او التدخل فيه او الاتيان على ارض الواقع باية اجراءات من شانها التأثير عليه .
لقد ضاع على الاردن والاردنيين وقت كثير في محاولات اصلاحيه فاشله للالتفاف على المطالب الحقيقية للناس والتي لم تكن بسبب الدين بل طلبوا وظائف وحريه ومستقبل افضل .وان التوافق الشعبي على مبادىءمعلنه هو ما يؤسس لثقافة التسامح وقبول الاخرويضع اهداف جماعيه تبقى نصب اعين الاجيال وتترك الباب مفتوحا"للاجتهاد ما دون ذلك بما لا يؤثر على المسار ولا يسبب اية انتكاسات ديمقراطية للشعب .
كاتبة وناشطة سياسية