عمان.. وام شاكر والاول من رمضان، قصة ساحرة حد الابتهال، ان يحفظ الله لنا عمان وكل الاردن !!
مباشرة اكتب… اكرمني الغالي سمير باتاحة الفرصة لي بناء على التماسي منه مشاهدة الحلقة القادمة متبوعة للتي (بثت) مع السيدة ام شاكر امس ليلا ولقد فرغت من المشاهدة على بوابات الفجر في عمان.. لقد توضأت برشقة هوى عماني جليل اتتني من روح هذه السيدة الفاضلة ام شاكر التي في مقابلتها مع نون، اسست ومهدت لأدب نسائي اردني جديد، انبثق من تلاقي روحها حد العناق الابدي مع روح عمان الباهية..
مقابلة الزميل سمير الحياري في نون مع الفاضلة الجليلة (ام شاكر) اشعلت في عمان ومضة في قلوب المحبين لن تنطفئ ابدا، فهذا الشلال الهادر من العفوية والصدق والطيب والاريحية في محاولة سيدة جادة عريقة منسوبة لقوم كبار في تاريخ امتنا من جهة (الشريك الشريف) ومن جهة (سلالة العلم الشامية الاستنبولية) حين كانت استنبول لنا فيها حصة .. لا يمكن تناول هذه المقابلة والتعاطي مع روح هذه السيدة الا بالاكبار والاجلال
ثمة وقار يصل حد الابتهال الى الله سبحانه ان يحرس هذه السيدة ويطيل من عمرها حتى تجود علينا اكثر واكثر يصبح اكثر من ضرورة لكل مشاهد او مستمع او قارئ لذوب فؤاد (ام شاكر) في هذه اللقيا مع (النون)
منذ ان القت السليلة الجليلة اول الملكات الهاشميات في الاردن كل وعيها وكل قدراتها الخارقة وطوعت الظرف لصالح (الشرعية) الابن البكر والعرش وفاز (طلال) رحمه الله بالملك كانت المرأة الاردنية على موعد مع القدر ليكون لها الدور المشارك المريد في حسم قضايا على كافة الصعد (اقتصادية، سياسية، اجتماعية، وحتى دينية) في هذا المجتمع الفتي اليعربي الذي كل نخبة فيه تحصلت فوق حقها بسبب النبل الهاشمي في الادارة…
منذ معركة التثبيت الكبرى لشرعية (الابن البكر) استجابة وتلبية لوثيقة الدستور.. صنعت الملكة الاولى رحمها الله درب اقتحام المرأة الاردنية لحقها ودورها اللائق به. ليس استجابة لمتطلبات (الغرب المنافق في افكاره) بل استردادا مقصودا للدور في التاريخ سقته الشريعة الاسلامية بماء وردها، والبسه البيت النبوي ثوب طهارة دائم
لقد كانت حافظات المصحف بعد وعد الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) زوجة النبي (عائشة) و(ام سلمة) من حفظتا للامة مصحفها.. وتلك دلالة ساطعة على معنى المرأة وقيمتها في حياتنا.. وقاتلت عائشة رضوان الله عليها على حق لها في الخلافة بضراوة تليق بالمؤمنين والمؤمنات بادوارهم!!
في بلادنا، اضحت الزباء ملكة، والسبية صارت ملكة (شجر الدر) وهذا تاريخ هو من اوصل (الهاشميات) ليكون لهن في ارض الحجاز (بلدة تأهيل وتحصيل وعلم)… إن التاريح قد حفظ لاتباع المدرسة الهاشمية ذكرى وواقع فأول (دارة للهاشميين للملك كانت خارج الجزيرة العربية) اسميت (بقصر الرحاب) وفي ذلك دلالة لم تكن بغدادية وحسب بل ان (الرحاب) هي البلدة المغلقة على علوم الهاشميين ليست بالبعيدة عن مكة المكرمة، في الحجاز حيث كانت سيدات البيت الكريم وفرسانه يرسلون لـ (الرحاب) مدرسة للتجهيز الهاشمي (في تعلم العربية والتركية والبروتوكول وتربية الاولاد)
وظلت اصداء هذه المدرسة الرحبة تترك اصداءها انى احب العرب دور المرأة وانحازوا للتقدم والحرية..
لقد مر على تأسيس عمان (عاصمة العرب بروح هاشمية تقدمية) مئة عام ولم تظفر مدينة في الشرق العربي بما ظفرت به عمان من تداخل حد الحب بين البدوي الذي اتاها بسيفه حاميا لانجازاتها والحضري ابن الشواطئ الخالدة من يافا ومن حيفا حاملا روائح البحر والاتصال الممدود عبر البحر مع الاخر الذي تقدم ثم كان معمار بنائها من اهل الريف في الضفتين فزرعوا فأكلنا واستمر الزرع باذن الله
وكان في الزوايا المتينة فيها شركسها وشيشانها، وكلما ادلف الى دكانة تتفنن في صناعة الصابون في قاع شارع الرينبو وتجاور بيت سعيد باشا المفتي استذكر قيمة النظافة التي وعي عليها الشركس كقيمة سربوها ورعوها في عمان
كما ان الضلع الثاني للمثلث المبهج في عمان كان الدمشقيون والدمشقيات.. ان القاء نظرة سريعة على زوجات روساء الوزراء تبرهن على تمكين المرأة الدمشقية في هذه الخلطة العروبية التي ارادها الهاشميون على هيئتهم !!
ان قائمة الزوجات للرؤساء الاردنيين تحتاج الى دراسة عميقة اكثر من مقالة في موقع عمون، فزوجات كل من (وصفي التل، بهجت التلهوني، زيد الرفاعي، مضر بدران، طاهر المصري، عبد الكريم الكباريتي) واخرين كل زوجاتهم من اصول سورية عمانية بهية ولقد كانت (ام شاكر) زوجة القائد الرئيس والفارس.. هي من اضفت على عمان روح شاميتها كاملة في مقابلتها مع نون التي اسست لادب نسوي عماني جديد
ولقد ظل تأخير ما حقه التقديم في قاعدة مثلث نهضة عمان (المسيحية العربية) كل شرعيتها كانت في عمان حين اضحت القدس العاصمة الروحية للمملكة ومشى هودج شرعية الكنيسة (من المهد الى عمان) ومن (القيامة) الى (المغطس)..
هذه الشرعيات الثلاث (الهاشمية، والعربية، والمسيحية العربية) لم يهبها الله سبحانه في المشرقين العربي والاسلامي إلا لعمان
كان دور المرأة في عمان دورا مسكوتا عنه وظلت (التلال في عمان والظلال في الادوار) تهب آل البيت واتباعهم مناخات الحرية للنساء في عماننا لكن مقابلة (ام شاكر) سيكون لها ما بعدها الذي لا يشبه ما قبلها نعم ان كتابها (من السلاح ….) كان قيما وعاصفا في اهميته لكنه لم يكن مشبعا بروحها كما المقابلة، ذلك ان غرابيل المحررين للكتاب قد اوجد فسحة للتداخل وهذا ما استطاع الزميل النابه سمير الحياري تجنبه في المقابلة حين وهب كل الوقت بكل الاحترام لهذه السيدة المليئة بالكرم والدفء والوطنية والوعي فجاءت المقابلة سبرا لاعماق روحها دون مساحيق او اضافات او تدخل…
لقد شهد الاردن الكثير من مذكرات الرجال، ومقابلات الرجال الشاهدين على تخوم وعصور الفجر الاردني المهيب! لكن لا احد سبق (ام شاكر) في جسارتها الحنونة لوصف (المسافات) التي حددت علاقات الناس مع الملك الحسين
ان بريقا لا يشبهه ضوء في وصف سيدتنا الباذخة في فتنة وبهاء روحها حين فندت اقاويل كثيرة وادعاءات مشحونة بالتزوير لمن يروون التاريخ مشافهة بعنوان (رفع التكليف مع الحسين) لقد رسمت هذه السيدة التي كانت الاقرب في حياة آل البيت خطا على الرمل بين الحسين بأدبه العريق وعدم الاقتراب من عالمه برفع الكلفة وظل يتذكر كل من يتشرف من مجالسته بأنه الملك الاجل مكانة..
كان ذلك درسا في الوفاء وفي الخلق من هذه السيدة التي هي عندنا رائدة الحركة النسائية في التائريخ لدور المرأة وتاريخها في بلاط العروبة العمانية!!!
لقد تربعت هدى شعراوي على قمة هرم تحرير المرأة المصرية!!! وقد خلدت عنبرة سلام يرحمها الله طلة المرأة البيروتية على بلاط القدس حين انجبت العلامة (اسامة) من احمد سامح الخالدي وربت اخاه وليد… كذلك فإن نسوة الزاوية اليشرطية الصوفية في عكا
هي من خلدت دور المرأة المناكفة للاذعان وتجلى ذلك بالحفيدة (زليخة) المتمردة الغاضبة الثائرة… كذلك فإن الملكة نفيسة والملكة عالية في الفرع الهاشمي بالعراق قد تركتا اصداء روحهما في حواري بغداد حتى اللحظة رغم كل القبح الذي ادى الفعل المشين غير المسؤول ممن عبثوا بالتاريخ في ١٤ تموز !!
كل ذلك صحيح لكن الصحيح ايضا اننا نباهي ونفاخر اليوم بميلاد ادب نسائي عماني، اسهمت في خلقه وبلورته هذه السيدة اليعربية الجليلة التي ترعرعت في رحاب آل البيت الاطهار
ان (ام شاكر) في مقابلتها التي طغى عليها الملاحة وحلاوة النطق وجمال الطلة وسمو اللغة والانصاف قد ملأ علينا حياتنا افتخارا بها، وقبل ان اكمل عما ساورده عن هذه السيدة النبيلة.. فان قدري لم يتقاطع مع اقدارها ولا اقدار المرحوم سمو ابو شاكر، وانا لم اتشرف في حياتي بلقياها قط سوى مرة واحدة اواخر تسعينيات القرن الماضي في عرس سيدتي صاحبة السمو الملكي الاميرة رحمة بنت الحسن في منزل سمو الأمير الحسن في عشاء العرس على صاحب المعالي علاء عارف البطاينة، وكانت ام شاكر تجلس مع السيدة منى وحيد المصري زوجة معالي الاخ الغالي صالح رشيدات والتفتت فجأة الى الخلف إذ كنت ومها زوجتي نجلس من خلفها واعتذرت انها تغطي مشهد الفرح
ولقد انتسبت في لعبة الاقدار والحظوظ الى تلال غير تلال منزلها انا مدين لتلة سيتي بسمة بنت طلال ادام الله عزها وعزتها، ومدين اكثر الى اخر الشكر لله لمولانا الحسين رضي الله عنه وارضاه الذي (فتح لي بوابة التعميد في الولاء الابدي لجلالته ولسلالته) وايضا انني سأظل مدينا لمدرسة سمو الامير الحسن حتى اخر العمر لما وهبني اياه من فرصة الجمع بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة، قلت ذلك امعانا في التأكيد لبراءة المقصد فيما سأنهي به عن السيدة ام شاكر
اما سمو المرحوم ابو شاكر فهو قصة اخرى وحكايات كثيرات اعد القارئ ان اكتبها في مقالة مستقلة لكنني اتعجل القول ان اكثر ما عثرت عليه في سحر شخصية ذلك الهاشمي هو كرهه حد القرف للمشروع الصهيوني وما يمثله من استبداد .. والثاني عروبته التي لا حد للمباهاة بها الا هاشميته
اعود للسيدة الجليلة ام شاكر في مفاتيح شخصيتها عبر المقابلة ثمة تواضع لا يتقنه الا الكبار وعفوية لا تتأتى الا للواثق من نفسه
وحبا للشريك لم يعتد الاردنيون عليه من قبل
السيدة الجليلة ام شاكر شطفت بحبات دمعها المكبوتة الم الفراق المبكر لابي شاكر بايراد قصة ابو شاكر في الحياة فهذا التفنن في الاستذكار لا ينتجه الا قلب امرأة على صورة (ام شاكر)
وكذلك… ان سرديتها لمحنة ايلول السبعينية كانت ارقى سردية مجمعة ووحدوية وذكرت الحقائق دونما تأزيم وما بين (دم الشهيدة الشقيقة ودموع الام الثكلى بابنتها وصبر القائد الاخ) رسمت ام شاكر صورة دراماتيكية وطنية لعذاب الاردنيين من ذكريات تلك الحقبة المؤلمة بالمقابل فان اشارتها المليئة بالوطنية والهاشمية والفطنة من تداخل المشهد بين الاردنيين والفلسطينيين ونقله من معركة بين جهتين الى مواجهة بين دعاة النظام ومحرضي الفوضى والتداخل من الفئتين بالمشهدين قد انارت (ام شاكر) دربا واسعة باهية
لمشروع الوحدة الوطنية الاردنية الدائمة وانتزعت بطريقتها التي لا تجارى عن الصراع بعده (الفتنوي)
ولقد حفظت ام شاكر في اللقاء مع نون المسافة القائمة على التبجيل والاحترام لشخص (جلالة الملك عبد الله الثاني، وشريكته الملكة رانيا) وهذا نبل وسمو خلق اشهد لها بهما
ان ام شاكر بطريقتها العفوية قد افصحت للاردنيين عن ذمة ابو شاكر المالية حين اوردت سعر ال ٥٠ دونم في الحمر وهذا ذكاء فطري ونباهة تقدر لهذه السيدة
وختاما …
ان اسرة ابو شاكر في تقديم السيدة الجليلة لها هي اسرة اردنية هاشمية عربية شريفة راقية هادئة تفاخر بها ولذلك فلقد تخيرت لها في هذه المقالة صفة (ام شاكر) ذلك ان سيادة الشريف شاكر مدجج باخلاق ابيه وفيه كل ملامحه وسجاياه وهو رمز الاسرة وصورتها الباهية وكذلك فان ام شاكر كما احسست في اجابتها انها تنحاز الى هذه الصفة والتسمية اكثر من سواها
ولأن كان هناك التماس من هذه السيدة الجليلة فانني اتمنى لها ان تبادر لتجود على الاردنيين للقاءات اكثر ذلك ان طلتها ونس وروحها نقية طاهرة تخلو من الدنس وهي كذلك تمثل ذلك الخيط الذي يصل بين استنبول وحلب وعمان والقدس وبيروت في ظل هذه الخيمة الوارفة خيمة الاسياد الهاشميين الذي اكرمنا الله العيش في ظلهما ولن نضل ابدا بعون الله
عمان تزهو بك يا ام شاكر ونحن بك نفاخر والشكر اجزله لـ سمير الحياري الذي كان (شطورا حد المهنية الرفيعة) في استخلاص (الشهد) من تلافيف روحك