قديما قالوا "خرج من الباب ليعود من الشباك"، هذا ينتطبق تماما على الممر البحري الانساني! وبناء ميناء مؤقت لتمرير المساعدات الانسانية الى القطاع عبر البحر، هذا التبرير الجديد للادارة الامريكية التي استعصى عليها مسألة ايصال المساعدات برا للقطاع لمواجهة الازمة الانسانية والمجاعة خاصة في شماله، وبات جاهزا اليوم.

في العشرين من كانون اول الماضي اجتمع وزير خارجية الكيان الصهيوني حينها مع نظيره القبرصي لبحث انشأ ممر مائي بين قبرص إلى غزة، لتقديم المساعدات بشكل مباشر ومستمر بمجرد انتهاء الحرب الصهيوامريكية النازية عليه ومر الخبر مرور الكرام، ولم يتم التدقيق عليه او مناقشة محتواه.

عاد امر الممر المائي للطفو فوق دماء شهداء القطاع، لكن هذه المرة بمقترح من قبل الادارة الامريكية على اساس بناء ميناء مؤقت بشكل سريع على الساحل شمالي القطاع ليكون طريقا امنا لنقل المساعدات التي تحاول الادارة الامريكية اقناع العالم بانها لا تملك قوة الضغط على حكومة الكيان الصهيوني لادخال المساعدات الانسانية برا.

صحيح ان "ميناء لارنكا القبرصي" لم يأتي ذكره في هذا الاعلان الامريكي بشكل واضح، الا ان الامر مرتب ما بين الكيان الصهيوني وقبرص حليفه الاستراتيجي، والتي هي اقرب دولة في الاتحاد الاوروبي للشرق الاوسط، وتم الاتفاق على التفاصيل التي وضعها الكيان الصهيوني ضمن وثيقة سرية تم الكشف عنها فيما بعد، والواضح ان العمل كان لايزال مستمرا حتى نضج لكن المصرح به هو الادارة الامريكية.

كانت وثيقتها التي هي خطة من فصلين تقول انها تهدف لتحقيق عدة امور، اولهما امني بحيث تتضمن حرية تحرك جيش الاحتلال في اراضي القطاع، ومنع التوسع العسكري في القطاع لضمان نزع كامل لسلاح المقاومة، وإنشاء مناطق عازلة على ساحل غزة، ومنع التهريب مع ضمان مساحة بحرية آمنة، اي احتلال مبطن وتشديد الطوق الخانق على اهالي القطاع

أما الفصل الثاني في الوثيقة يركز على المستوى المدني والحكومي، ويشمل الآلية الدولية لتقديم الخدمات الإنسانية عبر الممر البحري، إدارة الحياة اليومية بطريقة متكاملة من قبل الدول الرئيسة والهيئات الدولية العاملة في القطاع والكيانات المحلية غير المرتبطة بالمقاومة، اي حصار اوروبي صهيوني قبرصي مضاعف ومحكم على القطاع.

وعلى الرغم من عدم بروز "لارنكا" ودور مينائها بشكل واضح ، إلا أن تغيير الصيغ والكلمات والجمل ما عاد يؤتي أٌكله فباتت النوايا مكشوفة، بعد رفض مصر والاردن ما عٌرف بالتهجير الطوعي لاهالي القطاع والضفة الغربية على حد سواء، باتباع اساليب دموية فاشية ضمن مثلث محكم الزوايا في القطاع وهي "الاستهداف، التجويع والاوبئة"، لتبحث في جعل من لا يطيق التوجه نحو البحر.

هذا الميناء من المؤكد كأسم بديلا عن " قبرص..غزة" الهادف الى تمرير مخطط «الهجرة الطوعية» لابناء القطاع، بالرغم من انه يواجه تحديات في ظل تحفظات أوروبية لأن قبرص نافذة لأوروبا وتخشى من تسلل المهاجرين الفلسطينيين إليها، على اعتبار انهم راحلون.

وبالتغاضي عن اية تفاصيل اخرى فلا يأس يشوب تفكير هذا المحتل الغاشم ولا مؤييده الغرب التي طالبتها الحكومة باستقبال الفلسطنينيين وتجنيسهم لديها،ولا تدرك الحكومة الصهيونية ولا داعمتها الكبرى الولايات المتحدة ان الشعب الفلسطيني ميؤوس منه فهو لن يترك ارضه ولن يكرر مأساة اجداده في نكبة 1948، ولو كان هذا مجدي لوجد فلسطيني الداخل ملجأ لهم في الدول الغربية بدلا من التفرقة العنصرية التي يعانونها في دولة الكيان المزعومة وللجؤوا للخروج، الا انهم متمسكون بحقهم في وطنهم حتى اخر رمق.

الامر جد خطير والمشاركة فيه جريمة .....وعلى العالم الحر التصدي لما وراء "رقة حال المشاعر الصهيوامريكية" لتوفير المساعدات لسكان القطاع.