قبل الدخول في بيان حالة الاتحاد وأهميته بالتوقيت السياسي ومضمون البيان على المستوى الإقليمي والدولي على الرئيس بايدن التوقف كثيرا قبل إعطاء الضوء الأخضر لآلة الحرب الإسرائيلية من الدخول بشكل شامل في معركة رفح المصيرية لأن نتائجها قد تجعل من خطابه يكون "الأخير" عن حالة الاتحاد واما مآلاتها فإنها ستجعل من حملته الانتخابية تسجل خسائر غير متوقعة النتائج ولن تحميها النخب السياسية امام الأمواج الشبابية الزرقاء.
فالقضية الفلسطينية باتت أيقونة للحرية العالمية ومن يناصرها ينتصر ومن يقف في مواجهتها سيكون في مواجهة جميع القيم الإنسانية والمبادئ التي يقف عليها الجيل الشاب الموحد حول قواسم تمثال "الحرية" لما يحمله من قيم جاءت من أجل الخلاص من العبودية ومن أجل جلاء الاحتلال ووقفت مع حق تقرير المصير للشعوب لإعلان صوت الحرية وتعظيم رسالة المجد للإنسانية وهو ما تجسد عنوانه "حرية فلسطين" التي كانت المنطوق الأخير للشهيد الشاهد "ارون بوشنيل" هذا ما يجب على الرئيس بايدن معرفته قبل إعطاء إشارة البدء بمعركة رفح المصيرية.
ومن المهم أن تعلم الولايات المتحدة أنها وحدها من يتحمل المسؤولية التاريخية و الأخلاقية والسياسية والقانونية عن حرب غزة وعن مآلات المشهد في رفح كما تتحمل بشكل مباشر كامل مسؤولية عدم وصول تل أبيت وخان يونس لصيغة هدنة تسمح بوقف إطلاق النار فلو قدم البيت الأبيض الضمانات اللازمة للحيلولة دون العودة لإطلاق النار بعد الهدنة لتوصل الجميع لصيغة توافقية تنزع فتيل الأزمة لكنها ذهبت باتجاه تحميل ضحايا غزة الذى وصل عددهم إلى أكثر من 120 ألف بين مصاب وشهيد، المسؤولية عن معركة رفح القادمة بمشروع قرار أممي قدم لمجلس الأمن وهو ما يثير السخرية ... ويضع البيت الأبيض محط مساءلة أخلاقية وتساءل سياسي عريض !؟
فلم تتوقف أمريكا عن الحفر في وحل غزة حتى انغمست فيه للحد الذي لم يعد بمقدورها الخروج منه سالمة هذا ما بدأت تظهره أرقام ضحايا أمريكا في حرب غزة التي وصلت إلى نسبة 10% من إجمالي قتلى إسرائيل في عدوانها على غزة حيث قتل من أمريكا في حرب غزة بين مرتزق ومعتقد ونظامي ومن مزدوجي جنسية 1200 قتيل حسب تقرير للواشنطن بوست القريبة من الحزب الديموقراطي وهذا ما يعنى أن أمريكا تشارك بفاعلية مباشرة بهذه الحرب وليس فقط الامداد اللوجستي والمادي والعسكري كما يتم الإعلان عنه، وهذا ما يضعها في الواجهة الندية في المشهد وليس في الجهة الحيادية التي تخولها اتخاذ قرار راشد دون انحياز.
اليوم سيقدم الرئيس بايدن خطابه السنوي حول "حالة الاتحاد" أمام الكونجرس بشقيه النواب والسناتور ويتوقع أن يتطرق فيه الى سياساته الداخلية والخارجية كما سيسهب في بيان منجزاته وسيقف على النقاط الساخنة التي اشتعلت بأوكرانيا وأججت ويتم النفخ فيها من حين لآخر حتى تبقى موقدة لكن في عداد منسية فلقد اشتعلت نيرانها لكى لا تنطفئ ولتبقى مناخات القلق قائم وتشوب أجواء تلك المنطقة حالة عدم الاستقرار تستهدف عزل أوروبا عن روسيا تشكل أوكرانيا فيها لقوام الدولة العازلة.
كما يتوقع أن يقف الرئيس بايدن عند حرب غزة التي أشعلت فيها النيران لكي تشعل المنطقة ولن تتوقف حتى تحقق أهدافها الكامنة وتحدث عملية التغيير الديموغرافي التي ستأتي بجملة التهجير وجملة التغير في الجغرافيا السياسية للمنطقة، وهو ما يتم تنفيذه مع تصاعد حمم نيرانها ووصول رواسبها لكل العواصم المؤثرة بما فيها واشنطن، وهو ما يفترض ان ينقل الازمه الفلسطينية من مكانه إدارة ازمة إلى منزلة حل للأزمة من على أرضية مسألة حل الدولتين الذي مازالت الإدارة الامريكية تعتبرها الحل الأمثل لكنها تبقى دون وسائل تفعيلية تجعلها قيد التنفيذ وتذهب بها تجاه استصدار قرار بمشروعية أممية للدولة الفلسطينية وهو ما يجعل الحديث حول حل الدولتين حديث شكلي دون مضمون جاد يحمل صيغة تفعيلية.
فلقد أن الأوان للدعوة لتسوية شاملة والعمل لإدخال الجميع بعملية سلمية من على أرضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن المقررات الأممية بما يدخل الجميع عبرها بعلاقات تطبيعيه وتجعل من النسق الأمني والشعبي فيها متجانس ومن الموقف الرسمي والأهلي عبرها متوافق ... كونها الوسيلة الوحيدة التي تضمن الأمن وتحقق السلم الإقليمي والسلام الدولي وهى الجملة التي تشكل مبتدأ البيان في خبر ينتظره الجميع بخطاب الرئيس بايدن عن حالة الاتحاد.