الجهود الأردنية التي يقودها جلالة الملك في مواجهة المخطط الصهيوني التهجيري والإبادي على غزة لم تتوقف لحظة واحدة منذ اليوم الأول للعدوان الاجرامي على الشعب الفلسطيني الشقيق. وقد عكست هذه الجهود كعادتها صدق الموقف الأردني الثابت والدائم من جريمة الاحتلال الاستيطاني التي حلت بفلسطين، وجرائم الإرهاب والتهجير التي لحقت بشعبها، والظلم المستمر الذي يكرس تجاهل حق الفلسطينيين في الاستقلال وتقرير المصير.
لم يتوقف دور الأردن وقيادته لوقف المذبحة التي يتعرض لها أهل غزة دفاعاً عن وجودهم على أرضهم وحقهم في الحياة عند الجهد الاغاثي والصحي، واستدعاء السفير الأردني وطلب عدم عودته السفير الاسرائيلي فمضى في جهد مشهود لتصليب الموقف العربي الرسمي مصحوباً بنشاط سياسي ودبلوماسي دولي غير مسبوق، وحضور مكثف على أهم المنابر الدولية وفي المقدمة منها مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
الأردن بقيادته الوطنية المستنيرة ما أدار ظهره يوماً لواجب، وما انتظر من احد حمداً أو شكوراً على دور أداه أو موقف وقفه أو جهد بذله، كما ظل على عهده لم يتغير في شيء رغم جحد الجاحدين ، فدام على ثباته سنداً عزيزاً للشقيق الفلسطيني التوأم ووفياً لنضاله وصموده وحقه في حياة حرة كريمة على أرض وطنه.
لمن لا يروق لهم أمان الأردن واستقراره والصمود الذي ينعم به الأردنيون بما بنوه بأيديهم وبالهام من قيادتهم ورؤيتها الاستشرافية نقول لهم: ماذا يضيركم من بلدكم الذي احترف تجاوز التحديات ومن بعدها المحن التي عصفت بدول كبيرة وغنية في المنطقة وقهرت شعوباً واعادت هندستها اجتماعياً وسياسياً؟ أم نذكركم بمن احتفوا بأنظمة عربية طالما زاودت على الأردن فما أن جربوها حتى ثابوا الى رشدهم وعادوا الى حضن اردنهم الدافئ فرحب بهم، واحسن استقبالهم؟
أظنكم تعلمون تمام العلم أن الأردن لم يلتحق بكامب ديفيد، ولا قبل ان يكون بديلاً لمنظمة التحرير يوماً، ولم يوقع وادي عربه الا بعد أن وقعت منظمة التحرير أوسلو. وهو الوحيد الذي أصر ان يكون حل مشكلة احتلال الكويت عربياً فكان الوحيد الذي لم يذهب جيشه إلى حفر الباطن مع القوات الامريكية. وكذلك هو الشجاع الوحيد الذي قال لا لترمب وصفقة القرن فلم يكن غريباً أن يكون اليوم هو الأقوى والأكثر وضوحاً في موقفه دفاعاً عن غزة وأهلها وعن فلسطين وحقوق شعبها.
القافلة الأردنية ماضية في طريقها بهدي من التزام وطني وقومي واضح وثابت. لن تنال منها أقوال المتقولين المشتغلين والمنشغلين بالإساءة الى الأردن صاحب التجربة المباركة والمسيرة الموفقة والمواقف الشجاعة. أمثال هؤلاء باتوا معروفين ومكشوفين لدينا مثلما هي مكشوفة مرجعياتهم وأهدافهم ونواياهم التي لا تضمر الخير للأردن وشعبه وقيادته. حمى الله الأردن من شرور المليشيات وغزوات الكبتاغون وحُمّى الممانعة.