من نقل البلاد إلى حافة الأزمة؟
باتر محمد وردم
26-03-2011 04:54 AM
ما حدث أمس في دوار الداخلية شيء مخجل ومهين لكل مواطن أردني يؤمن بأن هذا البلد فريد ومختلف عن غيره في السياق العربي. إنه مخجل لكل أردني يؤمن باحترام الديمقراطية والإصلاح والعمل السياسي السلمي وهو مهين لكل أردني يفخر بما وصل إليه بلده من تطور سياسي ومدني وديمقراطي واجتماعي واقتصادي. إنه أمر مهين لكل مواطن أردني يريد أن يرى بلاده في الطليعة وفي القمة ويعمل على رصّ الجهود من أجل مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا.
ما حدث أمس نقل الأردن من مرحلة كان فيها كافة أفراد المجتمع تقريبا ينادون بالإصلاح السياسي المنهجي ويتحاورون بطريقة حضارية حول الأدوات والأساليب إلى مرحلة تم فيها فتح باب العنف والانقسام والذي لن يكون تأثيره إلا سلبيا على الأهداف الإصلاحية في الأردن. إن نقل النشاط السياسي من طاولة الحوار إلى الشارع كان أخطر تطور حدث في الأشهر الثلاثة الماضية وهو يفتح الأبواب امام احتمالات عديدة.
منذ اليوم الأول لإعلام قيام مجموعة شباب 24 آذار بالاعتصام في دوار الداخلية كان واضحا أن من اتخذ هذا القرار إما أن يكون داهية من الدرجة الأولى وهو يعرف أن هذا القرار سوف يحدث حالة انفجارية من خلال رفع منسوب التوتر الاجتماعي في إغلاق منطقة نقل وتحرك رئيسية في الأردن أو أنه يعاني من جهل سياسي مدقع يجعله لا يدرك ما هي الانعكاسات والتداعيات لمثل هذا القرار.
كان واضحا بأن هنالك رغبة من قبل منظمي الاعتصام في نقل تجربة دول أخرى وخاصة مصر إلى عمان، من خلال إغلاق موقع سير حيوي وجعله محطا للكاميرات والتصوير وربما في وقت لاحق موقعا لمنح «صكوك الوطنية» لكل من يؤيد هذا التجمع وصكوك الخيانة لكل من يرفضه. ولكن وبدلا من أن يتم إدارة الموضوع بطريقة استراتيجية حدث استقطاب لمئات من الأشخاص المغرر بهم والذين يدعون الولاء للدولة ولكنهم لا يملكون الوعي السياسي الكافي وبدأوا بتنفيذ تصرفات بعيدة تماما عن أخلاقيات احترام الرأي الآخر وإلقاء هتافات مسيئة بحق الوطن والتعرض للمتظاهرين بالحجارة والضرب بل حتى الاشتباك مع رجال الأمن العام الذين حاولوا منعهم، فأصبح الميدان موقع مواجهة لم تكن أبدا مطلوبة أو مرغوبة.
قلنا منذ البداية مكان الاعتصام غير مناسب لأنه يعطل حياة الناس وواهم من يعتقد أن البلاد سوف تتحمل استمرار إغلاق الدوار بهذه الطريقة ولكن لا أحد يقبل ويرضى أن يتم التعرض لمواطنين أردنيين بهذه الطريقة . كان من الممكن فض الاعتصام عن طريق الأمن العام منذ البداية ولكن الخيار الأسوأ بكل المقاييس كان هو هجوم البعض الذين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وأساءوا للأردن وقدموا رسالة قاسية ومناهضة تماما لكل الخطاب السياسي الرسمي في البلاد.
في البداية كان أمام الدولة خيار منع الاعتصام أو الاستمرار به وقد اختارت الاستمرار بالرغم من أن الكلفة الأسهل هي في منع الاعتصام ولكن ما حدث أمس كان كلفة سياسية هائلة سيكون ثمنها كبيرا على الأردن في الايام القادمة. نحن الآن بحاجة إلى اصوات كل الحكماء والعقلاء لتجاوز الأزمة ويجب أن يتم معرفة المتسببين بهذه الكارثة السياسية ومنعها تماما في المستقبل وأن تعود الدولة لتسيطر بقوة وسرعة وصلابة على مسيرة الإصلاح وتحقق المطالب التي لا يختلف عليها المواطنون وتنفذ الرسائل والتوجيهات الملكية بالطرق الصحيحة والسليمة والمباشرة. لن نرضى أن نبقى نعيش تحت وصاية من اي نوع كانت سواء ممن يدعي الولاء للدولة أو المعارضة.
حمى الله الأردن من كل من يرغب به سوءا، وحتى من كل من يحبه بطريقة خاطئة!
batirw@yahoo.com
(الدستور)