سال الدم في عمان،وجرى ما حذر منه كثيرون،فقد تعرض العشرات الى إصابات جراء رمي الحجارة عليهم عند دوار الداخلية.
مؤسف جداً ماجرى،ومحزن حد الفجيعة،وقد حذر كثيرون،من الاعتصام في موقع كدوار الداخلية،لحساسية الموقع،لا اعتراضاً على مبدأ الاعتصام،بل لحساسية الموقع،وللأضرار التي ستلحق بالناس.
لم يسمع احد بل باتت الموضة هي التخوين والتشكيك في من ُيحّذر باعتباره بوقاً مرتجفاً،في صورة عرفية لا تقبل الرأي الاخر.
حدث ماتم التحذير منه،فقد تم اغلاق الطريق من دوار المدينة الرياضية الى دوار الداخلية،في يوم جمعة،ولم نذهب بعد الى يوم الاحد،أي يوم تدفق عشرات الاف السيارات الى اعمالها،وفوق ذلك هب نفر ليؤذي الناس المعتصمين بحجارتهم فيسيل الدم.
عشرات الشباب الذين اصيبوا بجراح هم شبابنا،وتغضب بشدة لما جرى لهم،وقد كنا نؤمن دوما بالتعبير السلمي،اياً كان اتجاه التعبير ومطالبه.
بعضنا لم يتقبل فكرة التحذير من اعتصام على دوار الداخلية واقامة خيمة،وبعضنا اتهم المحذرين بأنهم يمارسون التخويف،ويقفون في وجه الاصلاحات،وهذا كلام سطحي للغاية،لاننا لانختلف على الاصلاح،ولاعناوينه.
تأتي تيارات سياسية من هنا،وتيارات من هناك،فتحدث صدامات،وتراشق بالحجارة،والكلام البذيء،ويتوتر الجو،وتغلق الطرق،ويسقط جرحى،فنذهب الى فوضى مفتوحة،لايعلم احد نتائجها.
مثلما يرفض كثيرون تسخير دوار الداخلية لنشاط سياسي يغلق البلد،يرفض كلنا ضرب المعتصمين،واسالة الدم في عمان،فقد هتف الشباب بأنها «سلمية»،ونحن معهم نريدها سلمية ولكن في اي موقع آخر آمن.
مواقع كثيرة متاحة امام رئاسة الوزراء،مجلس النواب،مجمع النقابات،ساحات اخرى،لاتسبب مشاكل لاحد،والذي يصر على دوار الداخلية،يريد عملياً خنق عمان،واغراق العاصمة في فوضى كاملة،بحسن نية او بسوء نية.
يتمنى الانسان لو لم يتم ضرب انسان واحد،والوصول الى حل وتسوية،بدلا من هذا المشهد،غير ان القصة الان لم تعد قصة امنيات،وقد قلت في مقالة البارحة،ان كل شيء محتمل،ولايعرف المرء ماخلف الساعات،من انسياب للفوضى ومس الاستقرار.
اذا كان هناك خطأ فادح،فليحتمل الجميع الكلام.الخطأ كان في موقع الاعتصام،وشق الخطأ الاخر،هو في تصدي نفر للمعتصمين وضربهم وإسالة دمهم،في مشهد مؤلم ومرفوض.
بهذا المعنى لابد من نقل موقع الاعتصام الى مكان اخر،ومحاسبة الذين رشقوا الناس بالحجارة،وأسالوا دمهم ليلة الخميس على الجمعة،ويوم الجمعة ايضاً.
عقدة دوار الداخلية لابد من فكها،وان نتقي الله في استقرار البلد والناس،وان لا نتنازل في ذات الوقت عن مطالبنا بالاصلاح ومحاربة الفساد،وتلبية مطالب كثيرين،وعدم التعمد والاصرارعلى جر البلد الى مواجهات وصدامات،عبر العاصمة.
اذا اشتعلت النار،فلن يسلم منها أحد،لان على كل واحد فينا ان يتوقع ان يخرج خصمه السياسي،ايضاً،ويأخذه الى ذات الحريق.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)