البطاقة التعريفية مسارٌ أخضر نحو الحقوق المدنية والسياسية للأشخاص ذوي الإعاقة
زيد العطاري
06-03-2024 07:49 AM
مرت أكثر من سبع سنوات على إقرار قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2017، وكان من بين مواده إصدار البطاقة التعريفية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، اليوم وبعد فترتها التجريبية ودخولها حيز النفاذ ومسارعة المؤسسات الرسمية لاعتمادها، تُثار العديد من التساؤلات والأسئلة المشروعة بين صفوف الأشخاص ذوي الإعاقة حول ماهيتها وأهميتها وما ستقدمه، بالرغم من المطالبات المتكررة والنقد الذي كان يُشهر نتيجة عدم صدورها خلال الفترة الفائتة.
اليوم ومع الدعوة لاستصدار البطاقة التعريفية بات من المُلح أن يُشار لأهميتها ودورها، فمن خلالها ستصبح طريق الوصول للحقوق المدنية والسياسية بالنسبة لحامليها من الأشخاص ذوي الإعاقة أقصر، فعندما نتحدث عن الحقوق المدنية فإننا نتحدث عن الحق بالصحة والحق بالتعليم، والحق بالعمل وغيرها من الحقوق والمزايا المرتبطة بها، فالحق في التعليم مرتبطٌ بالخصم الجامعي والحق بالصحة مرتبطٌ بالتأمين الصحي وفي هذا المقام فإن التأمين الصحي الممنوح للأشخاص ذوي الإعاقة يبدو أكثر شمولاً ودعماً لمتطلبات الأشخاص ذوي الإعاقة في تلقيهم للرعاية الصحية، وغير ذلك مما تجتهد الدولة بمؤسساتها المختلفة لتوفيره من مزايا وخدمات للتخفيف من وطأة ما تفرضه البيئة المحيطة من معوقات ولا يفوتنا أن نُذكر بعضنا والأخرين برحلة استصدار التقارير الطبية كلما مرت عليها السنوات، والانتقال بين اللجان والمديريات للتقدم وتقديم المعاملات وغير ذلك من الإجراءات المراثونية التي لا تخفى على أحد والتي أسهمت البطاقة التعريفية في اختصارها، مع التنويه لوجود الكثير من التحديات والعقبات التي تحتاج مزيداً من العمل لتذليلها ومعالجتها والتي لا يُنكرها أحد كما أن مواجهتها مسؤولية الجميع ولا تقتصر على طرفٍ دون الأخر تماشياً مع مبدأ الشراكة والمشاركة في عملية صنع القرار التي سعى المنظومة السياسية لتجسيده بالوسائل الديمقراطية التي انتهجتها المجتمعات المتقدمة.
على صعيد الحقوق السياسية فإن للبطاقة التعريفية دورٌ في التأسيس لقاعدة بيانات قد تكون عوناً في توفير احصائيات وأرقام لحجم المشاركة السياسية والانتخابية للأشخاص ذوي الإعاقة وقد تساهم في رسم خارطةٍ أدق لمواقع مراكز الاقتراع المهيأة لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة "مع التأكيد على أن الأصل هو التهيئة في كافة المراكز لأن الأشخاص ذوي الإعاقة موجودون في كل مكان يأكلون الطعام ويرتادون الأسواق بيد أن ما لا يدرك كله لا يترك جله" والطريق للحقوق المدنية يمر عبر ممارسة الحقوق السياسية انسجاماً مع مرحلة التحديث السياسي التي يعيشها الأردن.
عودةً للبطاقة التعريفية فإنها حجرُ أساسٍ لقاعدة البيانات التي أكد القانون رقم 20 لسنة 2017 على توفيرها وضرورة العمل عليها، لما لها من أهميةٍ في وضع الموازنات وتصميم السياسات والخطط والاستراتيجيات وهنا استحضر مقولة الفيلسوف اليوناني أرسطو "عندما تتحدث الأرقام يسقط كل شيء" بمعنى أن الأرقام والبيانات تعد دليلاً ومرشداً في التخطيط وهذا ما ينبغي التركيز عليه ومعالجة عقباته إنفاذاً للقانون وبخاصة من جانب دائرة الإحصاءات العامة.
ختاماً وجب التنويه بأن البطاقة التعريفية ليست متجزاً للخدمات كما أنها ليست بطاقة ملموسةً كبطاقة الأحوال الشخصية وإنما هي بياناتٌ إضافية تظهر عبر تطبيق سند لدى المؤسسات العامة من خلال حاملها، وذلك تماشياً مع التحول الرقمي ودرئً لأي شبهة تميزٍ أو انتهاكٍ للخصوصية يمكن أن يتعرض لها الأشخاص ذوي الإعاقة في طريق وصولهم لحقوقهم وسعيهم لها.