اليوم التالي للحرب غارق بالعناوين الجديدة
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
06-03-2024 12:05 AM
لو قمنا بجولة سريعة على عناوين الأخبار الصحفية حول العالم، لوجدنا خطابا سياسيا جديدا قويا، كاشفا للحقائق، هو بالنسبة للإعلام الغربي وغيره، يعد «جرأة» على الخطاب الصهيوني التضليلي، الذي يسيطر على العالم وعلى قضاياه، ويذلل كل الصعوبات أمام سردية سئم العالم منها، وأصبح اليوم يعتبرها سببا مباشرا لكثير من الأزمات الدولية والنزاعات والصراعات، والظلم البشري وانتفاء بل اختفاء العدالات جميعا..
من الأردن، ومن خلال مواقف وتصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني، ثمة عنوان سياسي واضح، منسجم تماما مع أفعال وأقوال ملك المملكة الأردنية السابقة، حيث تتناقل وسائل إعلام دولية قول جلالته بأن «نتنياهو» هو المسؤول عن محاولة المساس بحق الفلسطينيين بالتعبّد في «الأقصى»، وهذا ليس بالكلام الملكي الجديد، فقد سبق وأن حمّل جلالته اسرائيل بحكوماتها المتطرفة، مسؤولية توسيع مساحة الإرهاب، وردود الأفعال الغاضبة ضد الجرائم الإسرائيلية المتطرفة في المسجد الأقصى وفي كل المقدسات في الأراضي المحتلة.
و»الأونروا»، وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، تتحدث عن عنوان سياسي جديد، وهو «تخويف» العالم من هذه المنظمة، بهدف قطع الإمدادات ووقف إغاثة الفلسطينيين المنكوبين، وقد سبق وأن قررت عدة دول من بينهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلها لأونروا، بناء على مزاعم إسرائيل بمشاركة 12 من موظفي الوكالة بهجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي على مستوطنات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة، إذ يقول مفوضها العام فيليب لازاريني بهذا الشأن» لم نتلق أدلة ثابتة على مشاركة 12 من موظفينا بهذا الهجوم.
جدير بالذكر أن ثمة انتقادا كبيرا لعملية إنزال جوي لعدة آلاف من وجبات الغذاء، قامت به قوات «أمريكا العظمى» دعما لسكان غزة الذين تمنع عنهم «أمريكا نفسها» الدواء والطعام والماء وسائر الخدمات، وتشارك في إبادتهم وقتلهم منذ أكثر من 5 شهور، حيث تم انتقاد هذه العملية، وتم اعتبارها بأنها لمساعدة الجيش المجرم، لتقديم أدلة على استجابته لتوصيات المحكمة الجنائية الدولية، وامتثالا لطلب الصهيونية بإلغاء دور وكالة الأونروا، من خلال تقديم «عدة» وجبات غذائية من الجو، بينما الجائعون المحاصرون هم أكثر من مليوني شخص، بينهم مئات الآلاف من المصابين والمرضى، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ المسنين.
وثمة حديث صحفي بشأن طلب تم تقديمه من قبل 100 محام كندي أمس الأول الإثنين، يطالب بإحالة رئيس وزراء أستراليا للمحكمة الجنائية الدولية، باعتباره شريكا في الإبادة الجماعية بغزة، وبهذا يصبح أول رئيس غربي يحال إلى المحكمة الجنائية الدولية لكونه «شريكا في الإبادة الجماعية».. وهذا عنوان سياسي كبير جديد، سنقرأه كثيرا في خضم الصراعات السياسية الأوروبية والسباق على تشكيل الحكومات، كما حدث في نجاح النائب البريطاني «غالاوي»، الذي تم اعتباره بمثابة «استفتاء» على معارضة البريطانيين لجريمة الإبادة في غزة.
ومن بين العناوين المهمة متعلق أيضا بالأمم المتحدة، التي تسيطر عليها أمريكا، حيث الجمعية العامة للأمم المتحدة تستجوب أمريكا بشأن استخدام الفيتو ضد مشروع القرار الجزائري الداعي لوقف إطلاق النار في غزة، علما أن أمريكا عطّلت العديد من القرارات الأخرى الداعية لوقف إطلاق النار، وتاريخها حافل بمثل هذه القرارات التي تحمي الكيان المجرم، وكيل أعمال الصهيونية القذرة من المساءلة والمحاكمة، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالحقوق الفلسطينية.
كل العالم يتعرض اليوم لخطاب سياسي جديد، ينتشر بسرعة لأنه يكشف حجم الغباء بل الاستغباء الذي مارسته الصهيونية على شعوب العالم الغربي والشرقي، وطمس حقيقة الجريمة الصهيونية بحق العرب والمسلمين، وجريمة سرقة فلسطين وقتل شعبها وتدمير وطنهم.
هذا هو شكل العالم في «اليوم التالي للحرب»، ولن يكون هذا اليوم هو الذي تروج له الصهيونية وأمريكا وأعوانهم، فبغض النظر عن نتيجة الجريمة، إلا أن العالم اليوم ليس كما قبل السابع من اكتوبر الماضي.. وساحة المناورة والكهنوت السياسي والإعلامي أصبحت «تضيق بشدّة» على كل من يحاول تجميل وجه الصهيونية والأنظمة السياسية الداعمة لها.
الدستور