لعل انتشار تلك العبارة الشهيرة بشكل كبير في أرجاء العالم العربي تشير إلى حالة السطحية التي وصل لها البعض في تعاطيه مع الأحداث الجارية منذ شهر أكتوبر المنصرم من جهة، وحالة الانبهار من تحليلات يومية، مع الاحترام، تُظهر الحرب وكأنها بين جيشين نظاميين متكافئين في القوة والعتاد، وليست بين جيش نظامي يعد من أقوى الجيوش في المنطقة والعالم وبين شعب أعزل، من جهة أخرى.
وإذا كان المطلوب تحليل موضوعي من قبل الخبير العسكري الفاضل المذكور، فيتعين عليه تحليل الآتي أيضاً:
كيف حدث ما حدث بداية شهر أكتوبر دون قدرة الطرف الآخر القوي استخباراتيا وتكنولوجيا على كشفه أو منعه قبل ذلك، خاصة في ظل التكنولوجيا المتطورة التي يملكها الطرف الآخر، والأقمار الصناعية والبرامج المتطورة كذلك.
قيام الطرف الآخر باتخاذ تلك الحادثة كذريعة وغطاء لكل ما تبع ذلك من اعتداءات سافرة ووحشية ضد أهلنا في قطاع غزة الحبيب، وامتداد تلك الاعتداءات إلى الضفة الغربية وشرقي القدس.
تزامن تلك الحادثة مع بقاء عام أو أقل على إجراء الانتخابات الأميركية، ما قد يمنع الولايات المتحدة الأميركية من ممارسة أية ضغوط جدية على الجانب الآخر نظراً لتأثير قوى الضغط داخل الولايات المتحدة الأميركية من جانب، وحاجة الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى الصوت الانتخابي والمال من جانب آخر.
حسب تقارير وسائل الإعلام الغربية والتقارير الدولية الموثوقة، تم إلقاء أكثر من 30 قنبلة وقذيفة على قطاع غزة خلال الأربعة أشهر الأولى، ناهيك عن قتل 30 ألف إنسان، جلهم من الأطفال والنساء، وجرح 70 ألف إنسان، وفقد الكثير ممن لا يُعرف عددهم، واختفاء الكثير من العائلات من السجل المدني، وهو ما يعادل، حسب تحليلي المتواضع، 5% من سكان قطاع غزة الحبيب الذين تُركوا دون غطاء جوي وبري وبحري وحتى سياسي. وفي حالة استمرار تلك الحرب المجنونة لأشهرٍ إضافية فإن النسبة سوف تزداد، خاصة في ظل إمعان الطرف الآخر في استهداف المدنيين، بشكل رئيسي الأطفال والنساء منهم.
تدمير أو تضرر معظم البنايات والمنازل والمساجد والكنائس والمدارس والجامعات في قطاع غزة، ونزوح معظم سكان القطاع من أماكن سكناهم إلى أماكن أخرى اعتقاداً منهم أنها أكثر أمنا وأمانا.
تعطيل كافة مناحي الحياة اليومية في قطاع غزة الحبيب طوال فترة تلك الحرب المجنونة، ما يشمل بشكل رئيسي المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية، مما يساهم في تحقيق أهداف الطرف الآخر بتجهيل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المشهود لهم بالعلم والذكاء والحكمة، خاصة أن الإمام الشافعي رحمه الله ولد هناك.
اتخاذ الطرف الآخر ما حدث كذريعة للتضييق على حياة المواطنين الفلسطينيين في كل من الضفة الغربية وشرقي القدس، ما يشمل منعهم من العمل لديه، وتركهم دون أي مصادر دخل، مما يؤثر سلباً على حياة عائلاتهم، وعلى الاقتصاد الفلسطيني بالعموم.
قيام الطرف الآخر بتوظيف تلك الحادثة لاعتقال المواطنين الفلسطينيين في كل الضفة الغربية وشرقي القدس، حيث بلغ عدد المعتقلين 7 آلاف شخص حسب المعطيات الرسمية الواردة.
انتشار المجاعة في قطاع غزة نتيجة تلك الحرب المجنونة ما يثير الحسرة والحيرة في آن كون أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، ولا نعيش في العصر الحجري.
توظيف تلك الحادثة من قبل الطرف الآخر لخدمة أهداف بعيدة المدى منها إحياء مشاريع تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، وربما من الضفة الغربية وشرقي القدس لاحقا، وتدمير موارده البشرية والطبيعية، ومصادرة أراضيه لبناء مزيد من المستوطنات عليها، والقضاء على مشروعه الوطني الهادف إلى إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
عدم وجود إنجاز سياسي ملموس حتى الآن نتيجة تلك الحادثة مقارنة مع الخسائر الباهظة في الأرواح والممتلكات.
قيام الطرف الآخر الذي يعد جيشه من أقوى جيوش المنطقة والعالم بإطالة أمد الحرب وعدم الحسم العسكري، من أجل تحقيق الأهداف سالفة الذكر من وراء الحرب وغيرها من الأهداف، أهمها الإبقاء على حالة الانقسام بين جناحي الوطن المكلوم، وإحداث تغييرات جوهرية على الخارطة السياسية الفلسطينية مستقبلاً، ولأسباب سياسية داخلية لديه تتمثل في تأجيل الانتخابات.