الذكاء الاصطناعي بين الرابحين والخاسرين
صالح سليم الحموري
05-03-2024 01:01 PM
في القمة العالمية للحكومات 2024، التي انعقدت في دبي تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل"، أثار ألكسندر كارب، الرئيس التنفيذي لشركة Palantir Technologies، نقاشًا مهمًا حول الذكاء الاصطناعي وتأثيره على مستقبل الدول والشعوب. في جلسة حوارية بعنوان "كيف نقرب المسافات بين الذكاء الاصطناعي والمجتمعات؟"، تنبأ المتحدث بأن تكييف تقنيات الذكاء الاصطناعي سيخلق رابحين وخاسرين على مستوى الدول والشعوب.
وأشار إلى أن الدول والأفراد الذين يفهمون ويطبقون "نماذج اللغة المتقدمة والضخمة" من بيانات الذكاء الاصطناعي سيكونون الرابحين في هذا العصر، وسيصبحون أقوى وأغنى بكثير من أولئك الذين يتخلفون عن الركب. ولفت الانتباه إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي كانت سباقة في فهم أهمية تبني وتطوير وتسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتعاون مع الدول والشركات الرائدة في هذا المجال وأنها تملك ذكاء اصطناعي سيادي.
ومع ذلك، أكد على أن التحدي الأكبر ليس في قدرات الذكاء الاصطناعي نفسها، بل في كيفية التعامل مع هذه الأنظمة ونماذجها. المشكلة الأساسية تكمن في جذور المشكلات الاجتماعية التي تجعل الشعوب تصدق المعلومات المزيفة وتتبناها.
في ظل هذه التحديات، يرى أن التغيير يجب أن يكون في "الثقافات والمفاهيم الاجتماعية"، وتطويرها بما يجعلها قادرة على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير قدراتها وبناء مجتمعاتها. وأشار إلى أن التطورات الكبيرة في الذكاء الاصطناعي تحدث في الغالب في الولايات المتحدة، على الرغم من المناخ الاجتماعي والسياسي المضطرب.
ودعا إلى ضرورة تبني "نهج متوازن" يجمع بين التقدم التكنولوجي والاعتبارات الأخلاقية والقيم الإنسانية، لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة للخير وليس مصدرًا للانقسام والتفاوت.
يتضح أن الذكاء الاصطناعي يقف على مفترق طرق حاسم، حيث يمكن أن يكون إما قوة دافعة للابتكار والازدهار، أو مصدرًا للتفاوت والاضطراب. توقعات ألكسندر كارب حول خلق "رابحين وخاسرين" في عصر الذكاء الاصطناعي تشير إلى أهمية تبني نهج شامل ومتوازن يأخذ في الاعتبار الجوانب التقنية، الاقتصادية، والأخلاقية لهذه التكنولوجيا.
دور الحكومات، وبالأخص دولة الإمارات العربية المتحدة كمثال، يظهر كمثال رائد في تبني وتطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، يتطلب الأمر جهودًا مشتركة من جميع الأطراف المعنية - الحكومات، الشركات، المجتمع المدني، والأفراد - لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة للخير تخدم الإنسانية جمعاء.
يبقى السؤال: هل سنكون من "الرابحين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي" لتحقيق تقدم مستدام وشامل، أم من "الخاسرين الذين يتركون التقنية تتجاوز قيمنا وتهدد مجتمعاتنا؟" الإجابة على هذا السؤال تتطلب منا جميعًا العمل "بحكمة ومسؤولية" في عصر الذكاء الاصطناعي.
*خبير التدريب والتطوير / كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية