الانقسام الفلسطيني، بداية النهاية من موسكو
فارس الحباشنة
04-03-2024 11:56 PM
من موسكو بدأت اولى جولات ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وتمتين وحدته، وتجاوز الخلافات الفصائيلية ورميها وراء ظهورهم، والتأسيس لنقطة بداية نحو مسار جديد في الاقليم في غمرة حرب غزة وتوابعها. و كما ان اوكرانيا تعيد رسم خرائط اوروبا والناتو، فان حرب غزة تعيد تشكيل خرائط وتوجهات الشرق الاوسط.
و من موسكو، وبعدما فشلت جولات التفاوض والمبادرات الدولية لوقف اطلاق النار وفتح المعابر وتدفق المساعدات الانسانية، فالأولوية الروسية كانت في طي الخلاف و الانقسام الفلسطيني، وتأسيس لوحدة وطنية. و روسيا ضامن دولي عادل ومتوازن، وروسيا داعم تاريخي للقضية الفلسطينية. وفي حرب 73، دعمت روسيا الحرب العربية، ولكن السبحة فرطت بعدما ذهب الرئيس المصري محمد انور السادات الى كامب ديفيد.
و من اجتماع موسكو للفصائل الفلسطينية، فان روسيا تخشى من الانقسام الفلسطيني، وتخشى ان يزيد الانقسام الى تبخر وقتل الحقوق الشرعية والوطنية الفلسطينية. و حيث يستطيع الامريكان ان يتلاعبوا في الاوراق، وتبني سياسة تشقق وانقسام، وسياسة لحرق اي فرصة تاريخية فلسطينية لتحقيق خطوة الى الامام في الحق الوطني والتاريخي، وبناء الدولة والتحرر والاستقلال الوطني.
و روسيا دقت الباب. ومن اجتماع موسكو سيكون هناك خطوات اخرى في مسار التصالح الفلسطيني، واحياء لمسار سياسي عنوانه بناء الدولة الفلسطينية. و طبعا، من الجانب الروسي ورعايتها الى التصالح الفلسطيني واحياء بناء الدولة، فانه يفرمل اي مسارات امريكية /عربية رمادية في الملف الفلسطيني، وخصوصا مسارات التطبيع وربطها في الاعتراف العربي في اسرائيل. ثمة فرصة سياسية وشعبية عربية ضاغطة، وخصوصا ان النفوذ الامريكي يتراجع على الحكومات العربية الصديقة، والشارع العربي قرفان وغاضب من سياسة امريكا، وتدخلها المباشر في حرب غزة ودعمها المفتوح والمطلق لاسرائيل. و ثمة فرصة لبناء تحالف اقليمي روسي واردني وتركي ومصري وسعودي، وايراني.
و لنقل رباعية وخماسية اقليمية قادرة على الاتفاق والنهوض في انتاج مصالحات وتسويات لازمات وحروب وصراعات الاقليم وتحت الرعاية الروسية. و موسكو قادرة على تقديم مقاربات سياسية ودبلوماسية اقليمية لزحزحة ما هو عالق ومشفر في العلاقة التركية المصرية والسورية.
و اعادة سورية الى البيت العربي، في موازاة ذلك المصالحة بين سورية وتركيا. و قد تجد تركيا نفسها مضطرة الى قبول التصالح مع سورية، وبعدما يكتمل الانسحاب الامريكي من سورية، ورفع امريكا يدها عن الملف الكردي، ويصبح انذاك واقع حال، ويختم على تركيا التعامل معه بمرونة وسعة صدر. روسيا قادرة على صياغة تسويات لاعادة الاستقرار الى الاقليم من العراق الى سورية واليمن ولبنان.
واظن ان الاعمى او المتغافل يخفى عليه ان الدور الامريكي قد عري وانكشف، وان امريكا هي اسرائيل، ولا مجال للاستماع في ود وطيبة وحياد الى المبادرات الامريكية من حرب غزة وغيرها. و المشروع الاستراتيجي الامريكي/ الاسرائيلي التوراتي في الاقليم عصاته وبارودته الضاربة والقاذفة هي اسرائيل وحلفاؤها.. ويبدو ان مطامع المشروع الامريكي التوراتي لا تتوقف عند حدود بحر غزة الدامي. و الموقف العربي السليم والصحيح يبدأ من اولوية الصراع مع اسرائيل.. وان كان طوفان الاقصى قلب معادلات كثيرة.. يبدو ان العين الروسية تنظر في تمعن لترسم رؤيتها الاقليمية وتستعيد اطلاق مشروع لتسوية اقليمية كبرى، ووسط فراغ اقليمي ناجم عن تراجع الدور الامريكي، والفراغ لن تملأه القوى دولية بحجم روسيا والصين.. والا فان الاقليم مقبل على نيران لحروب لا منتهية وفوضى مفتوحة.
الدستور