"الإيدز" .. خطر يتطلب التشاركية
محمود الخطاطبة
04-03-2024 11:48 PM
على الرغم من أننا في العشرية الثالثة من القرن الحادي والعشرين، إلا أنه ما يزال هناك نسبة كبيرة من أبناء المجتمع الأردني، لا يفرقون بين فيروس نقص المناعة البشري (HIV)، و "الإيدز".. وإن كان الأول يُعد مُقدمة أو بداية للثاني، فالمُصاب بالأخير تظهر عليه الأعراض، ويُعد حالة مُتقدمة، بينما المُصاب بالنوع الأول (HIV) هو الذي لم تظهر عليه أعراض بعد.
قد يكون ذلك أمرًا اعتياديًا، ولكنه ليس عاديًا، ويتطلب توضيحات وتسليط الضوء عليه، هو أن العديد من المواطنين ليس لديهم معلومات كافية حول ذلك المرض أو الفيروس، ولا يملكون معرفة فيما يتعلق بطرق انتقال العدوى الصحيحة، والمفاهيم الخاطئة حولها.
ويُقدر أن العام الماضي، قد شهد تسجيل ما يُقارب 48 إصابة بفيروس (HIV) بين الأردنيين، من بينهم 19 حالة كشفها مركز سواعد التغيير لتمكين المُجتمع، والذي أجرى 4995 فحصًا سريًا خلال العام 2023، أعمار مُعظم المُصابين تتراوح بين 19 و39 عامًا.
الأمر جدا مُهم، يتطلب وضع إستراتيجية أو خطة لمواجهة ذلك المرض، والقضاء عليه أو على الأقل التقليل من أضراره، يكون من مهامها التشجيع على الفحص الطوعي، للمواطنين والمُقيمين.
التشخيص المُبكر يُعد سببًا رئيسًا للعلاج، وأهم الفئات التي يجب تشجعيها على عمل الفحص، الأشخاص المُدمنون على المُخدرات، والذين يُمارسون العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.
وهنا، تتوجب الإشارة إلى أن الأمراض المنقولة جنسيًا، ومنها ذلك الفيروس، مُرتبطة بالمُخدرات، فالمُتعاطي يفقد السيطرة على التركيز، وبالتالي قد يلجأ إلى أي طريقة، بُغية الحصول على الجُرعة أو المادة المُخدرة.
وللعلم، فإن وزارة الصحة تجري هذا الفحص "مجانًا"، كما أن مركز سواعد التغيير يُجريه أيضًا "مجانًا"، ويتم من خلال رموز، من أجل السرية، بعيدًا عن أي معلومات إضافية كالأسماء والعناوين وأرقام الهواتف، مع العلم بأن أجور إجراء الفحص في المراكز الخاصة تتراوح بين 10 و20 دينارًا.
ويتوجب أن تعتمد الخطط أو الإستراتيجيات نهج التشاركية، ما بين الجهات الحُكومية وشبه الحُكومية، ومؤسسات المُجتمع المدني، ودمج الخدمات التي تُقدمها تلك الجهات كافة، فضلًا عن ضرورة تدريب الكوادر بشكل علمي، وآليات التبليغ في حالة اكتشاف إصابة.
فالمُصاب بفيروس (HIV)، يستطيع أن يتعايش كأي إنسان طبيعي، شريطة أن يأخذ حبة دواء بشكل يومي، خاصة أن وزارة الصحة توفر هذا الدواء "مجانًا"، والذي تبلغ تكلفته الشهرية 356 دينارًا.
وبحسبة بسيطة، فإن التكلفة الشهرية للمُصاب بهذا الفيروس، تبلغ ألف دينار، ما يعني أنه يُكلف الدولة تقريبًا 12 ألفًا في العام الواحد، ما بين إجراء فحوصات وأدوية، ورواتب موظفين، وفترة التعطل عن العمل بالنسبة للمُصاب.. بالمُقابل، فإن تكلفة علاج المُصاب بـ"الإيدز"، قد تبلغ مائة دينار يوميًا، ما يعني 36 ألف دينار سنويا، جراء العلاج وإدخالات المُستشفى والمداخلات الطبية والفحوصات.
تطبيق الخطط والإستراتيجات، وبكل جدية، أمر في غاية الأهمية، إذ إن نسبة إصابة الجنين بذلك الفيروس قد تصل إلى 40 %، في حال كانت الأُم مُصابة، لكنها لا تأخذ العلاج، وعلى العكس تمامًا، فإن نسبة إصابة الجنين قد تصل إلى صفر بحال كانت الأُم مواظبة على العلاج.
وللعلم فقط، فإن فيروس نقص المناعة البشري ليس كائنًا مُتكاملًا، بمعنى أنه لا يستطيع أن يتكاثر من تلقاء نفسه، وهو دومًا بحاجة إلى خلية تساعده على التكاثر، على عكس البكتيريا التي تعد كائنًا مُتكاملًا، وتستطيع أن تتكاثر من تلقاء نفسها.
فيروس نقص المناعة البشري يستطيع أن يتواجد، ولفترات طويلة، في السوائل الأساسية، والتي تُصنف أنها قادرة على نقل العدوى، كالدم، وحليب الأُم، والسائل الأنيوسي، والسائل المنوي، والإفرازات المهبلية.. فهذا الفيروس يستطيع أن يدخل إلى خلية مُهمة في جسم الإنسان، وهي (CD4 cell)، التي تقود جهاز المناعة، وفي حال نقص عددها يتأثر جهاز المناعة، وقد تتطور الحالة وصولًا إلى مرحلة "الإيدز".
أتوقع بأنه لا ضير، أن تكون هناك دراسة حول إجراء فحص فيروس نقص المناعة البشري، بشكل طوعي، مع فحص التلاسيميا، المُتطلب لإجراءات الزواج، فالشخص المُصاب بـ"الإيدز"، قد ينقل العدوى إلى أربعة أشخاص على أقل تقدير.. وللقارئ أن يتخيل كم سيخسر المُجتمع والدولة جراء ذلك.
الغد