العلاقة الأردنية الفلسطينية .. وحدة الدم والمصير
د. محمد العزة
03-03-2024 04:37 PM
لعل الكتابة عن العلاقة الاردنية الفلسطينية تحت هذا العنوان او الإشارة له بهذا الوصف لا يأتي من باب المجاملة السياسية او المزاودة الوطنية على اي طرف من اطراف هذه العلاقة بل هو فرصة لاتاحة فرصة التعبير الصادق عن قوة الرابطة بينهما وحقيقة اعتناق جميع أطرافها واطيافها لها وفهم طبيعتها واساسها وجذورها وتاريخها وعوامل دعمها وصمودها وعمق الجغرافيا والديمغرافيا ما بينهما.
الأردن قيادة وشعبا تنبه لأهمية تلك العلاقة وأهمية ادارتها والحفاظ على خصوصيتها وطابعها وتأثيرها على و في كل من الأردن وفلسطين ، انطلاقا من جعل القضية الفلسطينية في قلب وجوهر العقيدة السياسية الاردنية كدلالة على حرص الأردن لمكانة ومتانة هذه العلاقة وكيف لا والاردن الذي يعي خطورة المشروع الصهيوني ودوره الوظيفي واطماعه الاستيطانية اتجاه الأردن وفلسطين والأمة العربية الذي فرض على الأردن مسؤولية ثقيلة على عاتقيه بذل في سبيل حملها والدفاع عنها الغالي والنفيس من دماء آلاف من شهداء أبناءه من شعبه وجيشه العربي المصطفوي التي تمر ذكرى تعريبه المجيدة في الأول من اذار وليس بعيدا عنه بأيام ستمر ذكرى ملحمة معركة الكرامة الخالدة التي سطر فيها الجندي الاردني الباسل والفدائي الفلسطيني المناضل اروع معاني التضحية والفداء في سبيل التحرير والدفاع عن الأرض والانسان وامتزجت دماءهم الزكية لتروي ذلك التراب الطاهر ليزهر دحنونا وقمحا وسنابل وقد سبقها العشرات من معارك التصدي والدفاع عن القدس وفلسطين الذي خاضها الأردن ابتداء من دور الملك عبدالله الأول المؤسس في حماية القدس و اجتماع اربد للعشائر الاردنية في اربد واستشهاد مفلح كايد العبيدات وموفق السلطي وفراس العجلوني وبطولة وصفي التل و حابس المجالي وعبدالله التل ومشهور جازي الخريشة ومعارك باب الواد واللطرون وباب المغاربة وجنين ونابلس وشجاعة المغفور الحسين بن طلال الذي مازال بصوته الجهور يسمع اذاننا تأكيدا ووعيا بأهمية الدفاع والحفاظ على العمق الفلسطيني الاستراتيجي كخط دفاع متقدم للاردن في وجه اطماع العدو الصهيوني التوسيعية والاستيطانية والتي ظهرت مرارا وتكرار في الدعاية الإسرائيلية والحديث عن الوطن البديل وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وانكار الحقوق الاردنية الفلسطينية في ممارسة السيادة الحرة والكاملة على ترابهم الوطني المستقل .
الأردن بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه العظيم استطاع صياغة العلاقة الاردنية الفلسطينية على أسس و روابط التوأمة السيامية المنفصلة التي تؤكد اننا كلنا اردنيون اذا ما نادى الأردن وكلنا فلسطينيون اذا مانادت فلسطين ، وأن حقيقة الأردن القوي و الأقرب والاحرص على دعم القضية الفلسطينية والدعوة الحقيقة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس والحرص والتأكيد على الدور الاردني في حق الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية هي ثابت من الثوابت وواجب من الواجبات علينا الحفاظ عليه وعلى مواقفه المسجله والمحفورة في ذاكرة كل من عاش وتابع مراحل الصراع العربي والاسرائيلي ، وما مواقف الدولة الاردنية السياسية ممثلة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه وجلالة الملكة وولي العهد الأمين ومؤسساتها الدبلوماسية اتجاه احداث العدوان الإسرائيلي على غزة ماهي إلا دليل على هذه الثوابت وتوفير كل ما يتطلب من الخطاب السياسي والدعم المعنوي والوجيستي التي تحافظ على الحيز الكافي من المساحة والمرونة للتعامل مع المتغيرات والتطورات المرحلية وقدرته على إقامة العلاقات الإقليمية والعالمية التي تخدم شرعية وصدق الموقف الاردني اتجاه دعواته ومبادراته لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة .
ختاما العلاقة الاردنية الفلسطينية وابعادها السياسية وعمقها التاريخي يجب النظر لها على أنها بوابة الدفاع عن الأمة العربية وحقها في الوحدة والنهضة وإن هذه العلاقة جاءت ونشأت على اساس وحدة الدم والهم والمصير المشترك وتحرير الأرض والمقدسات وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بجوار توأمها الاردني الذي ترقبه عيناه من جبال السلط وعجلون والشراة بعين الحارس تارة على القدس وتارة على عمان.