لقد شهد المشهد السياسي الأردني تغيرات كبيرة على مدار العقد الماضي، أهمها التغييرات التي جاءت عقب توصيات من اللجنة الملكية لتحديث النظام السياسي، ووضع مشروع قانون جديد للانتخاب، وآخر جديد للأحزاب، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة بالقوانين، وآليات العمل النيابي.
التعديلات على قانوني الانتخاب والأحزاب خصصت 41 مقعدا برلمانيا من أصل 138 للأحزاب في الانتخابات المقبلة، ليرتفع العدد تدريجيا إلى ما يعادل 65 بالمائة من المقاعد (نظريا بعد 12 عاما)، بما يتيح في النهاية تشكيل حكومة برلمانية.
مؤخراً، يشهد الأردن حراكا متسارعا لتشكيل أحزاب سياسية، خاصة بعد صدور القانون الجديد المتعلق بآلية تشكيلها، وسط تسارع واضح لنخب سياسية ومسؤولين وبرلمانيين سابقين وحاليين عليها. وفي العرف العام فإن الأحزاب في أي دولة بالعالم، يكون جزء من قيادتها من نُخب الدولة، وهذه النُخب تكون هي المبادرة بتشكيل الأحزاب، بالإضافة لقدرتها على صياغة برامجها وترتيب أمورها بشكل أسرع، في ظل ما يحمله بعض أعضائها من خبرات سياسية، واجتماعية، واقتصادية.
والسؤال هنا، هل ذلك كاف لتحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة في عملية التحديث السياسي، وتشجيعهم على الترشح والانتخاب، ولا سيما الشباب والمرأة؟ ام اننا بحاجة الى مشروع تثقيفي وطني يعالج نقص الوعي والفهم بشأن القضايا السياسية والحقوق والواجبات بين مختلف أطياف المجتمع الأردني؟
المشهد الاجتماعي والسياسي يتطور بسرعة في الأردن، الا انه، ورغم ان الشباب هم اللاعب الأكبر لمستقبل الدولة السياسي -منطقياً- الا ان هناك العديد منهم الذين يشعرون بالاستبعاد عن العملية السياسية بسبب عدم فهمهم وعدم توفر معلومات واضحة حول حقوقهم، وواجبتهم وعن آليات عمل التشريعات والأنظمة السياسية في الدولة.
يتجلى نقص الوعي والفهم لدى شباب الأردن فيما يتعلق بمفاهيم الحقوق السياسية والقانونية والمفاهيم الأساسية الدستورية، بطرق عدة اهمها:
• الانعزال السياسي: يميل الشباب، الذين ليسوا على دراية بكيفية عمل النظام السياسي، إلى الشعور بالانقطاع وعدم المشاركة في الحوار السياسي والعمليات السياسية.
• تعرض الحقوق لانتهاكات: بدون فهم كاف لحقوقهم، قد يكون الشباب الأردنيون غير قادرين على التعرف على المواقف التي يتعرضون فيها لانتهاك حقوقهم ومعالجتها.
• انتشار المعلومات الخاطئة: يتخلل المشهد الإعلامي الرقمي العديد من المعلومات الخاطئة، مما يسهم في الارتباك والتفاهم الخاطئ بشأن القضايا السياسية وحقوق الإنسان.
وأخيراً، نحن بحاجة الى مشروع تثقيفي واقعي بعيد عن الانشائيات التقليدية لتعزيز فهم القضايا السياسية والحقوق والواجبات للمواطنين وخصوصا بين الشباب، بالإضافة الى العمل على توفير موارد تعليمية لتعليم القضايا السياسية والمفاهيم الأساسية في مبادئ السياسة والقانون والفقه الدستوري، خاصة في شكل رقمي وعلى منصات التواصل الاجتماعي. كما ويمكن لكل ذلك ان يساهم في رفع نسب التصويت بتحفيز الناخبين على المشاركة الفاعلة في عملية التحديث السياسي، وتشجيعهم على الترشح والانتخاب، ولاسيما الشباب والمرأة.