الرسالة الملكية وقوى الشد العكسي
سلامه الدرعاوي
24-03-2011 02:38 AM
قد تستغل بعض القوى رسالة الملك الاخيرة الى حكومة البخيت في شن هجوم عليها بحجة تباطؤ سير العمل في الاصلاحات المطلوبة وتوظيف ما جاء فيها من مضامين مهمة ضمن عملية تشويه صورتها امام الرأي العام.
الرسالة الملكية حددت ثلاثة مرتكزات للعملية الاصلاحية وهي قريبة مما كان في كتاب التكليف وهي محاربة الفساد بكافة اشكاله وانجاز منظومة الاصلاح السياسي جنبا الى جنب والسير في تصحيح الاقتصاد المتعثر.
هذه المرتكزات تعتبر برامج عمل في حد ذاتها لاي حكومة; لكن الظرف الراهن لا يسمح للتعامل معها على اعتبار ان الوقت مرن, بل ان الامر يحتاج الى سرعة في اتخاذ الاجراءات وترجمة التوجيهات الملكية الى خطوات فعلية يتلمسها المواطنون في الميادين السابقة.
بالنسبة للفساد; الحكومة احالت ثلاثة ملفات كبرى الى هيئة مكافحة الفساد للنظر فيها وهي موارد والكازينو وسكن كريم, ومازال الشارع متعطشا لنتائج التحقيق ويريد ان يرى فعليا محاكمات مسؤولين سابقين تطاولوا على الدولة والمال العام واهدروا موارد الدولة واثروا ثراء فاحشا ضمن سنوات العمل الرسمي, لذلك تأتي الاهمية بمكان ان تعلن الهيئة عن نتائج التحقيق بالسرعة اللازمة حتى يتسنى احتواء الشارع ونقمته على الفساد, فهو ينظر لغاية الان الى ان الهيئة تعمل وفق الريموت الرسمي ولا تباشر في تحقيق القضايا الكبيرة الا بعد ان يحيلها رئيس الوزراء, وهذا امر يتطلب من الهيئة اثبات عكسه تماما وان تمارس عملها باستقلالية تامة وتحرك حر في محاربة الفساد.
اللافت في القضايا التي احالتها الحكومة للفساد انها تجمع متورطين مما يسمون انفسهم بالحرس القديم والليبراليين الجدد, وقد بدا ان هناك تفاهما مشتركا بين الفريقين ضد حكومة البخيت, ومظاهر هذا الاتفاق تتمثل في الضغط على صانعي القرار بان كثرة الحديث عن الفساد بات يهدد بيئة الاستثمار ويطرد المستثمرين, لذلك ادرك الملك خطورة هذا التحالف الجديد وشدد على مواصلة نهج مكافحة الفساد بكافة اشكاله.
بالنسبة للشأن الاقتصادي, فالواقع ان الانطباعات الاولية لحكومة البخيت بان الاقتصاد اولوية ثانوية في برنامجها وقد يكون هذا صحيحا!!, لذلك جاءت الرسالة الملكية لتوازن في عملية الاصلاح بين شقيها السياسي والاقتصادي, والحقيقة لا يمكن لعملية الاصلاح ان تنجح وشقيها الرئيسيين السابقين لا يسيران جنبا الى جنب.
اما في عملية الاصلاح السياسي, فالحكومة سارت خطوات مهمة في هذا الشأن وقدمت تعديلات جوهرية على قانون الاجتماعات العامة وسارت في الاجراءات الدستورية فيما يتعلق بنقابة المعلمين وشكلت لجنة للحوار الوطني للنظر في التعديلات الدستورية المطلوبة جنبا الى جنب للتوافق على قانونين اصلاحيين للانتخابات والاحزاب.
في هذا الصدد يرى بعض المراقبين لما يدور في الاردن ان قوى الشد العكسي للاصلاحات تناهض تلك العمليات والجهود الرسمية المدعومة بارادة ملكية حقيقية في الاصلاح واخذت تقاوم بتأليفها لحركات مضادة في الشارع بتنظيم ورعاية شبه رسمية من تلك القوى, وهذا واضح من بعض الاعتصامات والاضرابات الغريبة على المشهد المحلي من حيث مطالباتها.
المطلوب في هذه المرحلة ان يحسم الصراع الخفي بين بعض القوى الرسمية في مسألة الاصلاح وانهاء حالة التردد الحاصلة, والاتفاق على خطوات عمل بين المسؤولين قبل الحوار مع فعاليات الشارع والله من وراء القصد.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)