ما خلف منطوق الملك للبخيت
ماهر ابو طير
24-03-2011 02:35 AM
مناخات ما قبل رسالة الملك لرئيس الوزراء ، تفسر توقيت الرسالة ، وما فيها من تحذيرات حادة ، تخرج الى العلن بشكل مباشر.
ما تسرب من شخصيات رسمية ، مؤخراً يقول ان الحكومة تريد الاصلاح ، غير انها غير قادرة بسبب المخاوف والتدخلات والعراقيل المتتالية ، وهواجس مؤسسات اخرى ، مما أدى الى البطء في هذه الاصلاحات ، وبحيث باتت الحكومة تتأرجح على حبل مشدود.
ذات الانطباع تم تشكيله بطرق مختلفة ، بل تم الايحاء بأن مرجعيات عليا ، ومؤسسات رسمية ، لا تريد الاصلاح ، وتريد شراء الوقت ، وجدولة مطالب الناس ، وان الحكومة تريد وفلاناً لا يريد.
الملك في رسالته اعاد تعريف الاشياء ، وردها الى مربعها الاصلي ، بحيث قال للحكومة انه لن يقبل اي عذر في تأخير هذه الاصلاحات ، من اي طرف كان ، طالبا تحرير الجامعات والشباب والاعلام ، من المخاوف ، ومن التأثير عليهم تحت اي عنوان.
فوق ذلك لا يمكن قراءة رسالة الملك الا من باب التحذير الاخير الذي يطلقه الملك ، بشأن قضايا كثيرة ، كمحاربة الفساد ، حقوق المواطنين ، ملف المواطنة ، الوضع الاقتصادي ، وغير ذلك من قضايا.
رسالة الملك لرئيس الوزراء تحمل رسائل فرعية متعددة الى اطراف اخرى ايضاً ، ولا تقف معاني الرسالة عند حدود الدوار الرابع ، بل تصل الى جهات سياسية وفعاليات شعبية واتجاهات ، والى اطراف كثيرة.
لربما كانت الرسالة الاكثر دوياً في منطوق الملك ، فهي ايضاً تضع الحكومة امام مسؤوليتها ، وتحملها عناوين كبيرة ، عليها ان تلتزم بها ، وتخلصها ايضاً من ذريعة التضاد او المعاندة مع مؤسسات اخرى ، اذا كانت هذه هي الذريعة الفعلية لهذا البطء.
فوق ذلك تم رد الظلال عن القصر الملكي ، التي حاول كثيرون رسمها ، وبحيث تبدى الملك الاكثر طلباً وتطلباً ، من الشارع والمعارضة وكل الجهات ، ولو لخصنا قائمة مطالب الملك في الرسالة لفاقت مطالب كل الحراكات.
بهذا المعنى لا يدغدغ الملك عواطف الشارع ، بقدر قوله انه مع كل مطالبهم ، وانه يتفهمها ، ويتبناها ايضاً ، في مشهد يشي بالكثير.
رسالة الملك تقول ايضا ان الحكومة تحت وطأة اختبار حساس للغاية ، وقد لا نحتاج كثيراً حتى نرى نتائجه ، لان الملك كلف الحكومة فعليا بمهام محددة ، نازعاً الفرصة للمماطلة ، قائلا ايضاً مامعناه ان صبره نفد من هذا البطء والتأخير.
الملك ايضا حرّر الحكومة من هواجسها التي تحاصرها ، وقال لها بشكل واضح ان الباب مفتوح ، دون كلف ، لفترة محددة ، والارجح ان مراجعة الاجراءات لن تستغرق وقتا طويلا.
رسالة الملك لمعروف البخيت حساسة جداً ، وتقول ان الملك والناس في صف واحد ، وان على الحكومة والجهات الاخرى ، ان تقف عند مسؤولياتها ، بدلا من فن الاضاعة والتبديد وجدولة الاولويات والوقت.
بهذه المعاني ، وكأن الملك يسير في طليعة الحراكات ، واحداً من شعبه ، قائلا بصوت مرتفع انه يؤمن بالتغيير ، وان كل من يعرقل التغيير سيدفع الثمن ، وهكذا تجد الحكومة نفسها امام اختبار حساس جداً ، في توقيت غير مسبوق.
لننتظر الذي ستفعله الحكومة ، ولنراقب لعبة التشويش هل ستجري سراً وعلنا؟،.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)