التسريبات الاسرائيلية حول رغبة رئيس الحكومة الاسرئيلية بدخول قوات عسكرية اردنية الى الضفة الغربية لحفظ الامن ، يجب ان لا تثير كل ردود الفعل هذه ، فالاردن والجيش الاردني لم يكن يوما جيشا لحديا ، ولم يكن ولن يكون دوره وكيلا عن المحتل الاسرائيلي لقتل الفلسطيني او تأديبه.
من المعيب انه كلما نشرت صحيفة اسرائيلية تقريرا صحيحا او كاذبا ، ان نتداعى في الداخل الاردني الى الرد بداية من الاعلام الرسمي مرورا بالصحف والفعاليات السياسية وصولا الى عوام الناس ، فهذا البلد مستقر وثابت ، فيه دولة ومؤسسات ، وليس مجرد مركز امني خلفي لاسرائيل ، تستدعي عناصره اذا استدعت الحاجة الى الضفة الغربية ، لتكسر عظام الناس او اطلاق النار عليهم ، واعتقد ان الهوية الوطنية لهذا البلد وشعبه ، لاتقبل اساسا ، مجرد فكرة الرد على هكذا اكاذيب ، حتى لايبقى الاردن طوال عمره ، في امتحان لاثبات عروبته ، وبأنه لايخون ، ولن يخون.
ليس من المفترض اذن ان نتجاوب كلما عطس اسرائيلي بقصة صحفية او سياسية ، فهناك ثوابت اردنية معروفة ، وهي ليست للاستهلاك المحلي او الاعلامي ، وهي ثوابت تتطابق مع العقل الباطني للدولة ، فالاردن لم يكن حاميا لاسرائيل ، ولم يكن كيانا وظيفيا مهمته تثبيت الامن على الحدود ، او تطور هذه المهمة نحو ارسال عسكر الى الضفة الغربية لقمع الشعب الفلسطيني ، والاردن ايضا الذي له تحت تراب فلسطين الاف الشهداء ، وله في الحرب دفاعا عن فلسطين صولات وجولات ، وله ايضا في قسمة رغيف الخبز وشربة الماء مع الفلسطيني ، فلا نتوقع اذن ان يتحول الاردن الى مجرد قوة مستأجرة ، تريح العسكري الاسرائيلي ، وتجعله يرتاح في بارات تل ابيب ، فيما يقتتل الاخوة الاردني والفلسطيني ، على ارض لم يتم تحريرها اصلا.
لو كنت محل الجهات الرسمية لما تنازلت اصلا وقمت بالرد على كل تقرير تنشره الصحافة الاسرائيلية ، فالاردن ليست قطعة ثلج تنصهر كلما ارتفعت درجات الحرارة ، والاردن ايضا ليس صغيرا الى هذه الدرجة التى يمضي فيها حياته وهو يؤكد لمن حوله انه لن يفعل كذا وكذا ، فلسنا في امتحان مفتوح الى مالانهاية ، لاثبات حسن النوايا ، وان العسكري الاردني الذي تأسس مجده وتاريخه على قصص الاستشهاد والشهادة ، وعلى بذل الدم ، وعلى ابناء العشائر الذين زرعوا قلوبهم في ارض فلسطين زيتونا وقمرا وربيعا ، لن يكون في لحظة ما ، لحديا ، فلا الدولة تقبل لنفسها هذا الدور ، ولا الشعب تقبل مروءته ، ان تكون بنادق ابنائه مصوبة باتجاه صدور الفلسطينيين.
كفى اذن تصغيرا للاردن ، وكفى ان نضع الاردن بحضوره واعتداده بنفسه واهله في كفة وتقرير صحفي كاذب في كفة اخرى ، وهكذا ردود فعل تدل على عدم الثبات وسريع التأثر ، وهذا ليس لائقا من شعب ودولة ، حافظا على نفسيهما طوال العقود الماضية ، وسط هذا الاقليم المشتعل ، فالاصل ان نخرج من عقدة الامتحان التي وضعنا انفسنا فيها دون سبب واضح وان يكون رد فعلنا ، رد فعل المرتاح الى موقفه ، لا..الذي تهزه كلمة هنا او هناك.
سلام على جباه العسكر التي ماقبلت ان تسجد الا لله في محراب الطهر الوطني والقومي ، والتي لن تكون وكيلا عن المحتل ، ولا جيشا لحديا في اي يوم من الايام.