من أجل إيقاف الابتزاز السياسي
باتر محمد وردم
01-08-2007 03:00 AM
لا نستطيع أن نجزم بأن النية كانت مبيتة سلفا لدى جبهة العمل الإسلامي للانسحاب من الانتخابات البلدية ولكن كل المؤشرات التي ظهرت في الأيام الماضية تدل على ذلك حتى وصل الأمر بالإنسحاب في نفس يوم الانتخابات بعد مضي أكثر من نصف الوقت المقرر للاقتراع. منذ بداية التحضير للانتخابات كانت جبهة العمل الإسلامي تعقد مؤتمرات صحافية وتدلي بتصريحات وبيانات لوسائل الإعلام المحلية والخارجية حول ما تدعي أنه نوايا للتزوير واستهداف الجبهة ومرشحيها ، وساهمت هذه التصريحات في تعكير صورة الانتخابات في الرأي العام الأردني والعربي ولم تساهم الجبهة ابدا في دعم تطبيق النموذج الديمقراطي الذي يحترم الرأي الآخر ونتائج صناديق الاقتراع بقدر ما كانت تريد أن تحضر وتجهز مبررا كافيا لتفسير تدني شعبيتها أو حتى الانسحاب في حال ظهر أن فرص النجاح باتت ضئيلة. هذه التوجهات رافقتها ايضا تصريحات من رموز للجبهة في عواصم عربية تحمل الكثير من الأوصاف السلبية بحق الأردن وسياساته المختلفة وهذا لم يكن ابدا من شيم جماعة الأخوان المسلمين ولا قيادة جبهة العمل الإسلامي إلى ما قبل سنة على الأقل.
انسحاب جبهة العمل الإسلامي أنقذها من مغبة مواجهة الواقع الانتخابي ، وربما يستمر ذلك الموقف حتى في الانتخابات النيابية وفي هذا السياق لا بد من الاستمرار الفوري في كل اشكال الاستحقاقات الانتخابية والدستورية لأن هذه الاستحقاقات هي لمصلحة التطور الديمقراطي في البلد ولا يمكن أن تصبح أداة لابتزاز سياسي من جهة ما. تلعب جبهة العمل الإسلامي بكل براعة دور الضحية وقد أدمنت على هذا الدور وكلما تمت إزالة اية اسباب أو مبررات تساعدها في لعب دور الضحية كان ذلك أفضل.
بغض النظر عن موقف الجبهة بقيادتها الحالية والذي لا أجزم أنه لمصلحة الأردن ولا حرصا على الدستور ، فإن استحقاقات الديمقراطية في الأردن بحاجة إلى التطور والتحديث لأن الشعب الأردني بمؤسساته السياسية والمدنية يستحق المزيد من الديمقراطية والتعبير عن الرأي وفقط من خلال المزيد من الحريات والإنفتاح السياسي سوف تسقط كل شعارات جبهة العمل الإسلامي وقيادتها الحالية والتي لا تحصل على قوتها إلا من خلال ممارسة الابتزاز السياسي واستثمار حالات الاحباط والشك بمصداقية العملية الديمقراطية لدى الرأي العام.
وفي الواقع لم يكن قرار جبهة العمل الإسلامي هو الوحيد الذي اساء للعملية الديمقراطية ولسمعة البلد بل ايضا قيام البعض باختراق القوانين من خلال الاعتداء على الناخبين والمرشحين واستخدام الأسلحة النارية والبيضاء وافتعال المشاحنات وهذا سلوك غير مقبول ابدا في بلد متحضر ومن المهم أن نستوعب درس الانتخابات البلدية لمنع تكرار هذا السلوك المشين في الانتخابات النيابية والحفاظ على الصفة الحضارية لهذه الانتخابات وعدم تحولها إلى مشاجرات شوارع. وهذا ما يتطلب تدخلا قويا من رجال الأمن وإلغاء نتائج اي مرشح يتم توثيق مشاركة مؤيديه في أعمال شغب واعتداء على الآخرين.
الأردن يريد أن يتقدم إلى الأمام والبعض يريد العودة به إلى الخلف ، وما عاد ممكنا السكوت على محاولات الإساءة إلى العملية الديمقراطية والتشكيك بها واستثمارها للابتزاز السياسي والعودة إلى سلوكيات الجاهلية.
batir@nets.jo