الأعمال الإيجابية، التي يشارك بها جلالة الملك، مهما بلغ أثرها الخارجي والداخلي، كلها موقع ترحيب واعتزاز شعبي أردني، وكذلك حول العالم بالنسبة للشعوب الحرة، لا سيما الشعب الفلسطيني البطل، الذي يقتنع أكثر «من بعضنا» بأهمية الدور الأردني الذي يقوم به جلالة الملك شخصيا، لدعمهم في كل موقف، ودعم قضيتهم وحقوقهم، وثمة العديد من الأعمال التي يقوم بها جلالته، وتقع خارج أجندته السياسية الرسمية، ولا تتعارض مطلقا مع الدستور الأردني، فمشاركة جلالته مثلا في عمليات الإنزال للمواد الطبية والإغاثية لأهل غزة الصامدين، لها عدة أبعاد سياسية ونفسية بالنسبة للفلسطينيين وبالنسبة لنا كأردنيين، وكلها إيجابية، ولا يمكن لأي جهة إنسانية حول العالم او جهة سياسية عربية أو دولية «محترمة»، إلا أن تدعمها وترحب بها، وتحاول تقليدها نظرا لأثرها الكبير على أرض الواقع القاسي.
لكن دعونا نتحدث عن الأعمال الأخرى، التي يتم نسبتها لجلالة الملك دونما سند دستوري، ولنكن واضحين هنا، لنفرض جدلا أن خبر تزويد السوق الإسرائيلي بالخضار والفواكه من قبل بعض التجار والشركات الأردنية وغيرها، وعن طريق المعابر الأردنية المشتركة مع فلسطين، لنعتبره جدلا بأنه خبر صحيح، فلا علاقة هنا لا من قريب ولا من بعيد بجهود ومواقف جلالته، بل كل العلاقة للحكومة، وللاتفاقيات الدولية التي وقعتها، لا سيما اتفاقيات التجارة العالمية، وإن كان المثال غير واضح سأسوق تالياً مثالا أكثر وضوحا:
لو افترضنا أن الحكومة، عن طريق رئيسها او أي وزير فيها، وقعت بخطأ، كتعيين وزير او مسؤول كبير في موقعه، خلافا للقانون، فقبل سنوات مثلا، تم تعيين وزير (أحترمه على الصعيد الشخصي والوطني)، وما لبثت الحكومة وخلال أقل من 24 ساعة وأقالته بل قبلت استقالته، لسبب قانوني معروف، فهذا الخطأ، سواء نفسه او لو تكرر، فلا مسؤولية دستورية وقانونية تقع على جلالة الملك، بل هو عمل من مسؤولية الحكومة ورئيسها، إن لم يجر تجاوزه بالقانون، تتدخل جهات دستورية وتقوم بتصويبه حسب القانون، حتى أن جهات أخرى، شعبية ورسمية كالصحافة مثلا، تتدخل، وتطالب بتصويبه، لكن لا مسؤولية مطلقا تقع على جلالة الملك، ولا يمكن ان يكون الحديث المعارض منطقيا ولا سياسيا صحيحا، إن اعتبر أن مثل هذه الأخطاء من مسؤولية الملك، فالدستور الأردني واضح في هذه الحالة.
أذكر هذه الملاحظة لإزالة الاشتباك والخلط السياسي والإعلامي، الذي يفتح مجالا للإشاعة، التي تودي بكثير من الجهود الأردنية المتفردة، التي يقوم بها الأردن ملكا ووزارات ووزراء ومؤسسات وشعبا، لدعم فلسطين، بينما يعلق في الذهن أكاذيب، ليس لجلالته علاقة بها حتى لو كانت صحيحة.
يجب على الحكومة أن تبذل جهدا و»تدقق» في كل اعمال وزاراتها، وقبل هذا وذاك، بلياقة مسؤوليها الوزراء والموظفين الكبار القانونية والمهنية، قبل ان تتفشى الإشاعات والأقاويل والكيديات، التي تستهدف الإنجازات الكبيرة التي يقدمها جلالة الملك، وتقع موقع الإلهام السياسي بالنسبة لدول كثيرة، لتعمل مثلها، وتنجح في ابتكار طرق «ثانية وثالثة وعاشرة» لتحقيق الممكن او بعضه.
في البال مقال اريد توجيهه لرئيس الحكومة، نؤجله بغية نسيانه، ونخشى أن يصبح موّالا آخر، يسيء لنا جميعا.
الدستور