عز الدين كناكريه صندوق استثمار أموال الضمان بخير
السفير الدكتور موفق العجلوني
28-02-2024 11:28 AM
ليس غريباً ان يخرج علينا معالي الدكتور عز الدين كناكريه رئيس صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي وهو الرجل المؤهل مالياً واستثمارياً والأكثر من ذلك خلقاً وادباً ونزاهة وتواضعاً وشهامة. فقد تولى العديد من المواقع الرسمية في الدولة والقطاع الخاص وكان مثالاً لتحمل المسؤولية بكل حكمة وعقلانية وشفافية علاوة على انه كان ولا زال الرجل المناسب في المكان المناسب وكسب ثقة جلالة الملك والحكومات السابقة والحكومة الحالية والقطاع الخاص. ولو كان هنالك عقبات او هفوات او مخاوف حول أموال الضمان الاجتماعي والمؤمن عليهم لخرج على الملاء وصارح المؤمن عليهم والمتقاعدين على حساب الضمان. وباعتقادي هذه المعزوفة بخصوص مخاوف بعض المحللين والمشككين بان الضمان الاجتماعي في ضوء السياسة الاستثمارية ومديونة الصندوق للحكومة الحكومة فهو في خطر الإفلاس.
ومن خلال تجربتي شخصياً في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي خلال فترة التأسيس عام ١٩٨١-١٩٨٢ ، كانت هنالك نفس المقولة انه اذا لم يتم استثمار أموال الضمان الاجتماعي من المتوقع ان يصبح صندوق الضمان مع حلول عام ٢٠٢٠ اي بعد أربعون عاماً في حالة الإفلاس . وها نحن الان في عام ٢٠٢٤ ووضع الضمان و الحمد لله كما أشار معالي الدكتور عز الدين كناكريه من خلال الحقاق والأرقام المبينة بادناه في أحسن حال:
حقق صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي عوائد مجدية مع الحفاظ على القيمة الحقيقية للموجودات وتوفير السيولة اللازمة لمواجهة الالتزامات المستقبلية المترتبة على المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
صندوق استثمار أموال الضمان هو الأكبر في الأردن بحجم موجودات بلغ حوالي 14.9 مليار دينار في نهاية عام 2023, وتشكل موجوداته حوالي ٤٠ بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي "بالأسعار الجارية".
حظي الصندوق خلال السنوات 25 الماضية باهتمام ملكي كبير، ايمانا بأهمية تعزيز دور المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وصندوقها الاستثماري في تأمين الحماية الاجتماعية للمواطنين.
تتوزع موجودات الصندوق على عدد من المحافظ الاستثمارية وهي محفظة السندات، محفظة الأسهم، محفظة أدوات السوق النقدي، محفظة الاستثمارات العقارية، محفظة القروض ومحفظة الاستثمارات السياحية.
نمت حجم الموجودات منذ بداية عمل الصندوق عام ٢٠٠٣ من ١،٦ مليار دينار أردني ليصل الى حوالي ١٤،٩ مليار دينار أردني نهاية عام ٢٠٢٣ استنادا الى البيانات الأولية، مبينا أن الدخل يمثل عوائد الاستثمار في الأدوات الاستثمارية المختلفة بما فيها أدوات السوق النقدي والسندات والقروض والاستثمار في الأسهم، والاستثمارات العقارية والسياحية.
حقق الصندوق دخلا في الأدوات الاستثمارية المختلفة بلغ ٨٠٢،٣ مليون في نهاية عام ٢٠٢٣ مقارنة مع ٦٨٤،٢ مليون دينار كما في نهاية عام ٢٠٢٢، بارتفاع مقداره ١١٨،١ مليون دينار بنسبة نمو بلغت حوالي ١٧،٣ بالمئة.
بلغت الاستثمارات في محفظة الأسهم حوالي ٢،٣ مليون دينار في ٢٠٢٣، اذ يعتبر الصندوق مستثمرا استراتيجيا طويل الأجل في الشركات المدرجة في بورصة عمان.
يستثمر الصندوق في أسهم ما يزيد على ٥٠ شركة مساهمة عامة من الشركات الوطنية الكبرى في قطاعات البنوك والصناعة والخدمات والتي تمتاز بصلابة مراكزها المالية، وتحقيق معدلات نمو سنوية جيدة بالإضافة الى التزامها بتوزيعات نقدية سنوية على المساهمين.
بلغت قيمة محفظة الصندوق من أسهم الشركات المساهمة العامة حوالي ٢،١ مليار دينار كما في نهاية عام ٢٠٢٣ وتشكل ما نسبته حوالي ١٢،٤بالمئة من إجمالي القيمة السوقية لبورصة عمان.
يعد الاستثمار في القطاعات الواعدة مثل تكنولوجيا المعلومات والسياحة والطاقة المتجددة، مشغلا رئيسا للموارد البشرية المحلية ذات الكفاءة العالية.
يستثمر الصندوق في ١٣ بنكا تجاريا وإسلاميا من البنوك العاملة في الأردن، بنسب حيازة مختلفة ويمتلك استثمارات استراتيجية في عدد من الشركات الكبرى في قطاعي الصناعات التحويلية وهي شركة مناجم الفوسفات الأردنية، وشركة البوتاس العربية، وشركة مصانع الاسمنت الأردنية - لافارج.
يستثمر الصندوق في عدد من شركات المساهمة العامة في قطاع الخدمات ومن أبرزها شركة الاتصالات الأردنية وشركة الأسواق الحرة الأردنية، إضافة إلى عدد من شركات التأمين وشركات الخدمات المالية، ويمتلك عددا من الاستراحات السياحية والمشاريع السياحية الكبرى و الفنادق تصنيف خمس وأربع نجوم والتي تدار من قبل مجموعة انتركونتننتال العالمية (IHG) ويتم الإشراف عليها جميعها من قبل الشركة الوطنية للتنمية السياحية المملوكة بالكامل للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والتي تم تأسيسها عام ١٩٩٩ (قبل تأسيس صندوق الاستثمار) .
ينوع الصندوق استثماراته في قطاع الطاقة من خلال الاستثمار في مصفاة البترول، وتوليد وتوزيع الكهرباء، ومشاريع الطاقة المتجددة ويمتلك ايضا حصصا في شركة مصفاة البترول الأردنية، وشركة كهرباء المملكة، وشركة توليد الكهرباء المركزية وشركة الكهرباء الاردنية، بالإضافة الى استثمارات غير مباشرة من خلال شركة كهرباء المملكة في شركة توزيع الكهرباء وشركة كهرباء محافظة اربد، وشركة محطة الزرقاء لتوليد الطاقة الكهربائية (محطة الحسين الحرارية).
يمتلك الصندوق ثلاث محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة لتغذية مبنى الصندوق وفروع المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والفنادق المملوكة للضمان في مختلف محافظات المملكة.
يمتلك الصندوق أراضي ومجمعات تجارية في مختلف محافظات المملكة، بقيمة ٨٤٥ مليون دينار، ويعكف على تطوير وتأجير العديد من الاراضي والعقارات من خلال عقود بعضها عقود طويلة الاجل على نظام (BOT).
مع ما يتماشى مع الرؤية الملكية السامية لتحقيق نسب جيدة من الأمن الغذائي، قام الصندوق خلال عام ٢٠٢٠ بتأسيس "شركة الضمان للاستثمار والصناعات الزراعية" والتي بدأت أعمالها نهاية عام ٢٠٢١. ويتم حاليا زراعة محاصيل القمح وبطاطا المائدة والبطاطا التصنيعية وذرة السيلاج والأعلاف الحيوانية. حيث وفرت الشركة ما يزيد على ١١٠ فرص عمل لمهندسين وعمال زراعيين، ٩٠ بالمئة منها لسكان منطقة المدورة ومحافظات الجنوب، كما وفرت الشركة ٨٠ فرصة عمل موسمية، ٥٠ بالمئة منها لسيدات المجتمع المحلي.
تصريحات معالي الدكتور عز الدين كناكري حول صندوق أموال استثمار الضمان تبرز نجاحه في تحقيق عوائد مجدية والحفاظ على قيمة الموجودات مع توفير السيولة اللازمة لمواجهة التزامات المستقبلية. إن وجود موجودات بقيمة ١٤،٩ مليار دينار في نهاية عام ٢٠٢٣ يؤكد على دور الصندوق كأكبر صندوق استثماري في الأردن. وان توزيع محفظة الاستثمارات على عدة مجالات مثل السندات، والأسهم، وأدوات السوق النقدي، والاستثمارات العقارية والسياحية يظهر تنوعاً استراتيجيًا في الاستثمار، وهو ما يساهم في تعزيز الثقة وتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، فان الاستثمارات في القطاعات الرئيسية مثل القطاع المصرفي والصناعات التحويلية تعكس التزام الصندوق بدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز النمو والتنمية. علاوة على استثمار الصندوق في الاقتصاد الأخضر والزراعة يعكس رؤية استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل وتعزيز الأمن الغذائي.
بشكل عام، يظهر التزام الصندوق بإدارة الأموال بحكمة وتوجيهها نحو الاستثمارات المستدامة والتي تعود بالفائدة على المجتمع والاقتصاد بشكل شامل.
من جهة أخرى فان التصريحات والبيانات التي قدمها رئيس الصندوق معالي الدكتور عز الدين كناكري تعزز الثقة في صندوق الضمان الاستثماري وتوضح بوضوح أن أموال الضمان في أمان. وإن تنوع الاستثمارات واستراتيجية الصندوق في تحقيق عوائد مجدية والحفاظ على قيمة الموجودات يعكسان إدارة مالية قوية ومتميزة. وبناءً على البيانات والتقارير المقدمة، يمكن القول بثقة أن أموال الضمان تعتبر في مكان آمن ومستقر، مما يوفر الراحة والثقة للمواطنين والمستفيدين من الضمان الاجتماعي.
واختم حديثي بالقول ومن خلال معرفة عن قرب لمعالي الدكتور عز الدين كناكريه فهو يستحق الإشادة والتقدير لتاريخه المهم والناجح في مجال الخدمة العامة وإدارة المؤسسات المالية والاقتصادية. وكمدير عام سابق لمؤسسة الضمان الاجتماعي، ووزير للمالية، ورئيس مجلس إدارة الأسواق الحرة، قدم خدمات مميزة وأظهر قدرات قيادية فعّالة. حيث تميزت مسيرته المهنية بالتقاني والكفاءة في تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية، وتطوير السياسات والبرامج التي تعزز النمو الاقتصادي وتعزز الاستقرار المالي والاقتصادي للمؤسسات التي كان يتولى إدارتها.
إن مساهماته في تعزيز الشفافية والحوكمة في القطاع المالي وتعزيز الثقة في النظام المالي للبلاد تعكس مهاراته القيادية والرؤية الاستراتيجية. واستمراره في تحقيق النجاحات والتطورات الإيجابية في القطاعات التي عمل فيها يجعله قدوة ومثالًا يحتذى به في مجال الخدمة العامة والإدارة المالية.
و لا ننسى في هذا المجال ان دولة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة والحكومة تتحمل مسؤولية كبيرة في المحافظة على أموال الضمان وضمان استخدامها بشكل فعّال وفقًا للقانون والدستور، ووفقاً لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله. فهي مسؤولة عن وضع السياسات والإجراءات اللازمة لضمان استدامة الضمان الاجتماعي وحماية حقوق المواطنين المستفيدين منه.
تكمن مسؤولية الحكومة في توجيه السياسات الاقتصادية والمالية بما يضمن استدامة الضمان الاجتماعي، وتقديم الدعم اللازم للصندوق الاستثماري لتحقيق عوائد مجدية وتوفير السيولة الكافية لمواجهة التزامات المستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك، تتطلب محافظة الحكومة على أموال الضمان تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة تلك الأموال، بما في ذلك ضمان عدم استخدامها في غير الأغراض المخصصة لها وتقديم التقارير الدورية والشفافة حول أداء الصندوق واستثماراته.
باختصار، الحفاظ على أموال الضمان مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمؤسسات المعنية، ويجب أن يتم ذلك بمرونة وفعالية وبمراعاة المصلحة العامة ورفاهية المواطنين.
لا بد هنا من الإشادة حقيقة بالإدارة الحصيفة لعطوفة مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الدكتور محمَّد صالح سليمان الطَّراونة، الذي يواصل الليل بالنهار مع كافة الزميلات والزملاء خيرة الخيرة لأخد المؤسسة الى معارج التقدم والنجاح وعلى كافة المستويات.
ومن خلال خبرتي في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وأحد "المؤسسين"، ويعود الفضل بالتحاقي في الضمان الاجتماعي لمعالي الدكتور جواد العناني وزير العمل ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في ذلك الوقت، والقاء أكثر من ٣٠٠ محاضرة في انحاء المملكة حول مفهوم الضمان الاجتماعي. كان هنالك نفس الحديث في عام ١٩٨٢، انه في حالة لم يتم استثمار عوائد الضمان برؤيا مستقبلية ثاقبة، سوف يفلس الضمان بعد ٤٠ عام، وها نحن اليوم في عام ٢٠٢٤ بعد أكثر من ٤٠ عام والامور بألف ألف خير. وكما اشار معالي الدكتور كناكريه الامور وحسب الاحصاءات والاستثمارات في عدة مجالات مطمئنة وتبشر بالخير.
من المهم أن نلاحظ أن التحديات والتوقعات حول استدامة الضمان الاجتماعي قد كانت موجودة لفترة طويلة، ولكن من خلال التخطيط الجيد والإدارة الفعالة، يمكن للمؤسسات المعنية تجاوز هذه التحديات. وكما أشرت، بفضل السياسات الحكيمة والاستثمارات الصائبة، تمكن الضمان الاجتماعي من البقاء قويًا ومستقرًا على مر السنين، وهذا يعكس التزام الحكومة والمسؤولين بتحقيق الأمان المالي للمواطنين وتوفير الحماية الاجتماعية. وإن الاستثمار الذكي في مختلف المجالات والاقتصادات المتنوعة يساهم في تعزيز الثقة والاستقرار المالي، وهو ما يجعل الضمان الاجتماعي قادرًا على تلبية التزاماته وتحقيق الأهداف الاجتماعية بشكل فعّال.
لذا، يجب أن الاستمرار في دعم هذه الجهود والاستمرار في تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الأموال العامة، والعمل على تعزيز الوعي والتثقيف حول أهمية الضمان الاجتماعي والمساهمة فيه لضمان استمراريته وازدهاره في المستقبل. والله ولي التوفيق .
*مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me