اعتذار متأخر للنعامة وأخوتها
احمد حسن الزعبي
23-03-2011 02:47 AM
غرور الإنسان يجعله يعتقد دائماً انه أذكى المخلوقات وأحكمها وأشجعها وأكثرها وعياً، لذا غالباً ما يقيس ردود أفعال الكائنات على ردّة فعله هو وإن كانت خاطئة.. معتبراً ان ما يفكر فيه دائماً صحيح، وحكمه دائماً عادل وغير قابل للنقض..
منذ ان حملتنا سفينة نوح وحمتنا وحيواناتنا من الطوفان، لم يسلم مخلوق من شرور «البني آدم» سواء أكان صديقاً له او عدوّا..فسخر من الحمار واعتبره رمزاً «للتناحة» وسخر من التيس واعتبره رمزاً «للتياسة».. ومن الأرنب واعتبره «رمزاً» للجبن والخنوع، والطاووس رمزا للغرور، والقرد رمزاً «للبرادة» والنعامة رمزاً للغباء..
منذ فترة لفت انتباهي الاستخدام المكرر لعبارة «مثل النعامة» من قبل المذيعين والمعلقين الفضائيين والكتاب عندما يتحدثون عن اخطاء الحكومات العربية او يصفون بعض الزعماء العرب.. لقد «شلّوا عرض» النعامة لكثرة ما شبهوا بعض الأنظمة بها.. وأسقطوا خيبات الجنرالات عليها.. مما استدعاني للبحث عن تفسير علمي لدفن النعامة لرأسها في الرمال.. علها تكون أذكى من الإنسان الذي أطلق حكمه الظالم عليها.. وبالفعل، وجدت حقيقة مدهشة..النعامة لا تدفن رأسها لأنها لا تريد ان ترى عدوها، على الاطلاق!!.. هي تدفن رأسها لتستخدمه كرادار يحدد دبيب أقدام العدو والمسافة التي تبعده عنها، واتجاه خطواته.. كما انها تمارس حيلة دفن الرأس لتبدو أمام بعض المفترسات أنها شجيرة صغيرة بسبب ريشها الكثيف فتبعد عنها.. وبالفعل غالباً ما تنجح.. مما يستحق منّا نحن بني البشر ان نقدّم اعتذاراً خطياً وشفوياً للنعامة على ما وصفناها به طوال عقود مضت.. ولتفوّقها بالذكاء على ردود فعل بعض البشر وبعض الحكومات العربية ايضاَ..
كما يستدعي منّا ايضاَ في نفس القوت الاعتذار لرمز التناحة، ورمز التياسة، ورمز الجبن، ورمز الغرور، ورمز «البرادة».. فهناك من غلبهم ويغلبهم كل يوم من العرب..
ahmedalzoubi@hotmail.com
(الرأي)