كيف خلقت المقاومة توازن قوى رغماً عن الجيش الإسرائيلي؟
صالح الشرّاب العبادي
27-02-2024 12:07 PM
*حرب غزة
في وقت لا تزال القوات الإسرائيلية والمدعومة أمريكيا مستمرة بقصفها الجوي والبحري والمدفعي والمسيّراتي لقطاع غزة، وإعمال القتل الجماعي للمدنيين والتدمير الممنهج للمربعات السكنية والبنى التحتية والخدمات وضرب حصار التجويع والتعطيش للشعب المدني الفلسطيني في غزة ومنع كل مقومات الحياة، واستمرار التهديد المستمر لاقتحام مدينة رفح والتلويح بهذا الاقتحام يومياً من قبل قوة الاحتلال العسكرية والسياسية من اجل الضغط على المقاومة للتنازل عن شروطها الثابتة ، وكذلك من اجل الضغط على المجتمع الدولي الذي يطالب بوقف الحرب وعدم الإقتحام المنوي على مدينة رفح ، وكذلك الضغط على الوسطاء القائمين على الهدنة ، ومن اجل احراز نصر وهمي بعد ان فشلت تلك القوات الإسرائيلية المشتركة في تحقيق أهدافها الثلاث المعلنة ، مع كل ذلك ، وكل هذا الدعم مع الإقرار بانه لا مقارنة قوى عسكرية بينها وبين قوات المقاومة إلا ان المقاومة الفلسطينية في غزة ممثلة بجميع فصائلها قد احدثت وخلقت توازن قوى فاقت التوقعات وتفوقت على القوات الإسرائيلية وكما يلي :
خلقت المقاومة عمق استراتيجي جغرافي استخدمته بعناية فائقة ودقيقة ومؤثرة الا وهو الانفاق تحت الارض التي عجزت القوات الإسرائيلية عن تدميره او السيطرة عليه او اكتشافه بالكامل بل كان وبالاً عليها وعلى جنودها .
الدفاع الثابت والدفاع المتحرك لقوات المقاومة في جميع مناطق القطاع وتركيز روابض الدفاعات في مناطق لم يخطط لها العدو او يتوقعها .
استحداث عمليات القتال في المناطق المبنية واستخدام كافة المهمات العسكرية الخاصة المتطورة لمقارعة العدو وإيقاع اكبر الخسائر بين صفوفه والياته المتقدمة باستخدام العمل بمجموعات او فرادى لإنجاز المهمة باستخدام النفس الطويل الذي قتل روح المغامرة لدى قوات العدو .
الاستخدام الفعال لعمليات الكمائن بجميع أنواعها وعمليات القنص واعداد مناطق التقتيل وانتخابها بعناية فائقة مما اسفر عن خسائر كبيرة للعدو .
ادخال الرعب والخوف والهلع في نفوس قادة وضباط وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي الأمر الذي ادى إلى انهيار المعنويات بل قتل الروح المعنوية لديهم .
الظهور في مناطق لم يتوقعها العدو وخاصة في شمال القطاع ووسطه وشرقه وغربه ، بعد ان أوهم العدو بانه قد سيطر على تلك المناطق، الأمر الذي اجبرها على العودة إلى شمال القطاع وتلك المناطق ، وهذا حقق عدة عناصر مهمة لصالح المقاومة اهمها :
1. انه لا يزال موجود بكامل قوته .
2. انه لا زال يتحرك بحرية كاملة .
3. ان الأسلحة والذخائر متوفرة وتحت متناول اليد.
4. ان الانفاق لا تزال تعمل بالرغم من ادعاء الجيش الاسرائيلي انه قد دمرها .
5. تشتيت كامل لقوة العدو وتشتت جهده وجهد جنوده بين الشمال والجنوب والوسط مما ادى التخبط وعدم الوضوح بالقرارات .
6. فقدان السيطرة لدى قوة العدو الصهيونى.
7. تخفيف الصغط على باقي الجبهات وهذا فن من فنون الحرب .
حرمان العدو الصهيوني ممثل بقادته العسكريين والسياسيين من احراز نصر واضح والذي لا زالوا يبحثوا عنه
حرمان إسرائيل من تحقيق هدف تحقيق الامن للمستعمرات في غلاف غزة وعدم السماح لهم باتخاذ قرار عودة المستعمرين وذلك بسبب إطلاق الصواريخ يومياً تقريبا على تلك المستعمرات وهذا يدل على حربة عمل روابض المدفعية وحرية تحريكها من مكان الى مكان بكل سهولة.
حرمان العدو الصهيونى من فصل الداعم الرئيس له وهو الحاضنة الشعبية بالرغم من كل محاولات تأليب هذه الحاضنة .
هكذا ولهذا خلقت المقاومة الفلسطينية في غزة توازن قوى مؤثر وفاعل من الناحية العسكرية ، اما من الجانب السياسي، فقد اوجدت المقاومة حالة عالمية دولية اقليمية داعمة بقوة لها ولشرعية مقاومتها وقانونية حقوقها المدنية والسياسية والعسكرية والأمنية على ارضها وبين شعبها ، علاوة على النجاح الباهر في الحرب النفسية والإعلامية ..
خلقت المقاومة حالة عزلة دولية للدولة المزعومة اسرائيل ظهرت جلية بعد سنوات طويلة كان يعتقد العالم ان اسرائيل لها حق في كل ما تقوم به حيث بدأ العالم في اصطفاف ايجابي لدعم القضية الفلسطينية وايجاد حلول جذرية لهذا الصراع .
اخيراً أسقطت المقاومة الفلسطينية مبادئ عدة من العقيدة القتالية الأسرائيلية مثل الضربة الاستباقية الردعية ، الدفاع الاستيطاني ، الحرب الخاطفة ، الحرب الدامية وسياسة القتل الجماعي من اجل الثورة العكسية ، الأمر الذي سقطت به مقولة ( الجيش الذي لا يقهر) …
**عميد ركن متقاعد // كاتب وباحث شؤون عسكرية سياسية