* التعريب خطوة سياسية جريئة

كانت بداية عهد المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه صعبة وحرجة، والفترة تتميز بالصراع القوي بين حلف وارسو وحلف الاطلسي وبينهما حربا باردة شديدة الحرارة، ولكن كل قوى تابعة لحلف تسعى لاستقطاب او محاربة الدول الاخرى التي هي خارج احد الحلفين.

والاردن كدولة مستقلة ترفض التبعية لحلف وارسو، لكن في الوقت نفسه معظم دول الجوار هي سوفييتية عربية، وتضغط على الاردن ليس سياسيا بل بالتدخل في الشأن الداخلي واثارة الاضطراب وتجنيد العملاء ومحاولات الانقلاب، فكان الاردن بين اكثر من فكي كماشتين او ثلاث كماشات،

كانت خطوة المغفور له الملك الحسين وسط هذه الاجواء الملتهبة بتعريب قيادة الجيش العربي بعد تجاوز مراحل خطط له الحسين بعناية، وأولها تحييد الضباط الاحرار وثانيهما تأمين استمرار الدعم لموازنة الاردن، ولم تكن الخطوة الجريئة الا بعد حوار مستفيض مع قيادات الجيش وأولهم الجنرال كلوب نفسه الذي عارض هذه الخطوة، وحوارات مع زعماء عرب من اللون الاحمر والاصفر،

اتخذ جلالته يرحمه الله القرار، وتم التنفيذ مع صباح يوم الخميس الاول من آذار 1956م، وابتهج الاردنيون، ولكن المحور الاحمر كان اكثر فرحا وبهجا، لانهم قدموا الى موسكو هدية بتنظيف الشرق الاوسط من الرجعية والامبريالية والانبطاحية، واننا اصبحنا نحكم الحصار حول اسرائيل لتعزيز ورقة الضغط الروسية على أهم مصالح امريكا في الشرق الاوسط.

كتبت الصحف العربية عن هذا القرار بلغة المنتصر على الامبريالية، ولكن الملك الحسين طيب الله ثراه أدرك ما الهدف الذي هو ضد قيم الاردن وثوابته ودستوره، ولكن كان الاردنيون في قمة فرحتهم وسعادتهم بجيشهم العربي ونستذكر مشاركة الفنان فريد الاطرش بتقديم اغنية من كلمات الشاعر المصري صالح جودت، وأدى فريد الاطرش الاغنية في الحفل الخاص الذي اقيم بحضور الملك الحسين في قاعة سينما الحسين، ونتمنى اعادة أدائها أو الحصول عليها لقيمتها وتقول كلمات الاعنية:

انشودة التعريب

يا غالي وهمتك غالية غلاوة القدس والحرمين
يا عالي وأمتك عالية علو الشمس والهرمين
فرحنا لما "ابو عالية" رفعت جبينا وجبينك
يا ما احلى التاج على جبينك يصونه المولى ويصونك


كتبت لجيشك النصرة وصنته من غريب ودخيل
وجانا هاتف البشرى سعينا من ضفاف النيل
باسم الشعب والثورة نوفي للعلا دينك
يا ما احلى التاج على جبينك يصونه المولى ويصونك

دي كل الدنيا بتهني وبتقول العرب ابطال
ومصر الليلة بتغني وغنوتها "حسين" و"جمال"
وكل الشرق مستني أمل في يمينه ويمينك

أمل نخلص ديارنا من غريب الدار
ونقهر اللي قهرنا بالحديد والنار
ونعيد لارض الكرامة أهلها الابرار
ومن المحيط للخليج يحيا العرب احرار