facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




آبار النفط الصناعية في الأردن!


محمد وليد الجلاد
26-02-2024 11:20 AM

لن يهدأ الجدل في الأردن يومًا حول حقيقة وجود النفط تحت أراضيه فلا زال هذا اللغز هو اللغز الأكثر غموضًا وتواترًا بين مواطنيه.

يتأجج الموضوع دائمًا ويتصدر العناوينَ متى ما عصفت بالاقتصاد ضائقة جديدة أو طرأ ارتفاع مفاجئ في أسعار المحروقات، وغالبًا ما تكون ذروة الأمر شتاءً، فترى العامة ينوبون عن الخبراء ويشرعون بتداول كل ما يستسيغون على مواقع التواصل الاجتماعي ليؤرخوا بنظرتهم المتفاوتة بتفاوت اضطرابات يومهم واقتصادهم أحداث التنقيب عن النفط في الأردن قديمًا وحديثًا.

إذ يحكم العامة على الأمر بمنطقهم وقياسهم على اعتبار أن المملكة ذات حدود ملاصقة لأراضٍ تعد خصيبةً نفطيًا كالسعودية والعراق وسوريا فيستغربون كيف أننا لم ننل ولو حتى تسريبًا من حقول المنطقة وإن أبت أن تستقبل جغرافيتنا حقولًا كمثلهم رغم الأقاويل المشيرة إلى أن الأردن يقع فعلًا ضمن الحوض الرسوبي المنتج للنفط. في المقابل فلا يقبل أهل الخبرة والاختصاص، رغم أنهم منقسمون أيضًا، إلا بما ثبت لديهم من حقائق علمية وبما اطلعوا عليه من تقارير ودراسات بحثية عديدة صادرةٍ عن شركاتِ تنقيبِ نفطٍ عالميةٍ، إذ يجادل بعضهم الآخر بأن النفط وإن كان موجودًا فإن كمياته لا تعتبر تجاريةً ويبقى خيار استيراده مجديًا أكثر إذا ما نظرنا إلى كلف انتاجه.

تمتد جذور هذا السجال الطويل المليء بالإثارة إلى العام 1947 مذ أن بدأ التنقيب عن النفط في الأردن. وتستدل الستارة دائمًا بعبارةٍ قد تكون الأقرب إلى الصواب بأن الأردن لم يستكشف نفطيًا حقًا حتى الآن.

إذًا، لا شك بأن الجدال سيبقى في هذا الأمر قائمًا. ولكن هل يعقل أن يعلق الناس في شباك الحسرة والأمل للأبد، فسؤالنا الأهم الآن هو أين الحاضر من هذا؟! فبما أن الواقع قد فرض علينا حكمه وانتهى منذ الأزل بأننا لسنا دولةً نفطيةً إلى الساعة فما الذي كان بمقدور الأردنيين فعله لإنعاش اقتصادهم؟! هل باتوا على آمال التنقيب منذ ال 47 ثم استيقظوا وتفاجئوا بأنهم لا يملكون من آمالهم شيئًا أم أنهم سلكوا في التنقيب دروبًا أخرى؟!

تشاء الأقدار أيضًا أن يزداد سؤال إنتعاش الاقتصاد تعقيدًا إلى درجةٍ سيظن المواطن فيها نفسه جزءًا من مشهد سرياليٍ بعيدٍ عن الواقع لكن الأمر واقعٌ حقًا فالوطن أيضًا من أفقر بلدان العالم مائيًا ويبدو بأن الاقتصاد سيسير خطاه الأولى وملؤه العطش إذ تبلغ موارد المياه المتجددة في الأردن أقل من 100 متر مكعب للفرد، وهي أقل بكثير من حصة الفرد عالميا والتي تبلغ 500 متر مكعب للفرد الواحد ناهيك عن أن النمو السكاني في ازدياد وبأن مستويات المياه الجوفية في انخفاض.

ويتكرر السؤال مجددًا وبحدةٍ أقسى من سابقتها مع كل ذكر جديد لشح الموارد الأساسية للطاقة والصناعة والزراعة في المملكة فما الذي كان بمقدور الأردنيين فعله؟!

جواب السؤال طويلٌ جدًا ويتعمق كثيرًا في علومٍ متعددة مترابطةٍ كالاجتماع والاقتصاد وغيرها وقد لا تتسعه عشرات المجلدات العلمية لكننا سنختصره تجاوزًا بفهومٍ كان المنقذ والمحرك لعجلة الاقتصاد الأردني، مفهوم من كلمتين اثنتين فقط هما "اقتصاد المعرفة."

لم يلح للأردنيين في السماء غيمٌ ماطرٌ وما لهم بعد العقبة سوى منفذ واحد لكنه ميتٌ وما وجدوا للنفط دربًا ولا مسلكا..
الأقدار دائمًا ما تكون مليئة بالحكمة فإن كان الحال أننا "بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ" فلا بد من أن يرزق الله أهل هذا الوادِ زمزما.

فكانت المعرفة بمثابة بئر زمزم للأردنيين فهي الملاذ الذي سينهلون من آبارها علومًا كثيرةً ستعود على اقتصادهم بالخير الوفير، إذ سيزدهر التعليم وستقام الجامعات وأمهنَّ الأردنية وسيعرف عن الموارد البشرية الأردنية مدى تعليمها وكفائتها وخبرة ومهارة أيديها العاملة وفطنتها ليشكل هذا المورد أساسًا للاقتصاد الوطني.

سيحول كل فردٍ من أفراد المجتمع نفسه إلى أصلٍ من الأصول القادرة على استحداث نشاطاتٍ ستجني عوائدًا اقتصاديةً وستجلب فرصًا استثماريةً في مجالات عديدة كالتعليم والطب والصيدلة والمالية والهندسة والإعلام وتكنولوجيا المعلومات وريادة الأعمال وغيرها الكثير والكثير من المجالات الخدمية التي ستصبح خبراتها مستقبلًا أساسًا لصناعاتٍ ستعد الروافد الأساسية لاقتصاد المملكة الأردنية الهاشمية.

من بين هذه العلوم المزدهرة تبرز العلوم الصيدلانية، إذ كثيرًا ما نسمع ما يردده خبراء الاقتصاد في المنطقة بأن صناعة الدواء بمثابة النفط للأردنيين وذلك بفضل ما حققته وتحققه هذه الصناعة القائمة بشركات وكفاءات وإدارات وطنية بامتياز من عوائد بمليارات الدنانير الأردنية تكفل تشغيل آلاف الأيدي العاملة وتحقيق مدخولات مجزية لخزينة الدولة العامة وتغطية احتياجات المملكة الأساسية دوائيًا من خلال العطاءات المحلية دون اللجوء لكلف الاستيراد الكامل الباهظة الثمن. وها نحن ذا نتابع وبكل فخر أصداء إعلان شركات وطنية تحقيق إيرادات عالمية.

تعتبر الكفاءات الأردنية أيضًا في مجالات الخدمات والاستشارات المالية والمحاسبية وإدارة الموارد البشرية من أهم الكفاءات في المنطقة وهي ذات قدرة عالية على جلب استثمارات بأموال طائلة، إذ تغير الزمن وتغيرت العهود فما عاد الأردني مضطرًا للاغتراب والسفر بذاته لجلب العملة الصعبة مع توفر وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تسهل العمل عن بعد. ازداد الأمر فاعليةً بالتحديد بعد جائحة كورونا التي عصفت بالعالم مؤخرًا فأصبح العمل عن بعدٍ وسيلة فاعلة تعتمد عليها الأعمال لإتمام نشاطاتها حول العالم ليتطور الأمر أكثر وأكثر وتتهافت الشركات العالمية على افتتاح مراكز خدماتٍ عن بعد في العاصمة عمَّان والسعي للتوقيع مع شباب المملكة واستقطابهم بشكل متواصل ومكثف خاصة في الآونة الأخيرة وبالتزامن مع التغيرات الاقتصادية المتسارعة بشكل هائل في المنطقة عمومًا.

ولا زال هؤلاء الشباب بسمعتهم المهنية المرموقة وقدراتهم الاحترافية يجذبون المزيد والمزيد من الشركات إلى أرض الوطن ليكونوا مصدر عون لاقتصاد بلادهم ومثالا حيًا على أن الإنسان فعلًا هو أغلى ما نملك.

كل أمة ستنال رزقها بما كتب الله لها وأرى أن الأردنيين ينهلون من آبار العلم والكفاح والاجتهاد ما كتب الله لهم من رزق!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :