تطور التشريعات وتبسيط إجراءاتها
عز الدين المبيضين
26-02-2024 10:38 AM
هناك دوما عملية ميكانيكية «مفترضة» في الجهاز البيروقراطي للدولة. وفي علم الميكانيكا فالحركة يجب أن تكون انسيابية بلا تعطيل أو معوقات، وفي الماكينة البيروقراطية للدولة السليمة فإننا نفترض أيضا حركة المسننات التي تدير تلك الحركة وتديمها بلا عوائق.
الإجراءات واللوائح والتعليمات هي تلك المسننات التي يجب أن تكون متوافقة في حركتها بدقة فلا تتعطل الحركة.
وتتقاطع مؤسسات الدولة في الإجراءات التي تحكم اعمالها وتتشابك بشكل إيجابي يضمن سلامة تدفق المعلومات وجودتها وبالنتيجة رضى متلقي الخدمة الذي يشعر بأن خدمته اكتملت وبشكل قانوني وفق إجراءات منظمة ومدروسة منتهجة ترشيداً في العمل الإداري وترجمة لمفهوم تبسيط الإجراءات الذي أنتجه التطور البشري والعلمي .
لكن في ظل هذا التناغم والتماس الإيجابي تعاني بعض مؤسسات القطاع العام من عدم التنسيق وعدم معرفة بالتشريعات الناظمة لأعمال الغير ( المؤسسات الأخرى) فلا يمكن الارتكاز الى نشر التشريعات او تعديلها بالنشر بالجريدة الرسمية والاحتجاج بذلك بأن المعرفة تمت وانتهت، إذ لا بد ان يرافق ذلك ويسبقه تدريب وتأهيل وتوعية وليس فقط للمؤسسة المعنية بتطبيق التشريع بل لكافة المؤسسات المتشابكة وحتى القطاع الخاص المتأثر بالتطبيق من اجل الوصول للغاية المرجوة من وجود التشريع او تعديله وذلك من خلال أساليب عدة منها عقد لقاءات دورية على مستوى الإدارات والصف الأول من الموظفين من كافة المؤسسات وفهم التشريعات الناظمة لعمل الغير وخاصة الدوائر ذات التشابك والتقاطع في مجالاتها الخدمية مثلا ( وزارة الصناعة والتجارة والتموين / دائرة الضريبة / دائرة الجمارك / الضمان الاجتماعي/ أمانة وبلديات /بنك مركزي /وزارة العدل / المعهد القضائي .....).
أيضا وعلى سبيل متوازٍ مع التطبيق يستحسن ان يكون هنالك تغذية راجعة على التشريعات وتعديلاتها والإجراءات مثلا تغذية راجعة من تعديل قانون الشركات الأخير، من المؤسسات الأخرى كــ (جمارك /ضمان/ ضريبة/ أمانة عمان (بلديات) /مناطق حرة ....) والجهات المرخصة لمزاولة الاعمال مثلا (السياحة / الصحة / الداخلية / البلديات / البنك المركزي) ولكافة المؤسسات نظرا لتشابك تلك المؤسسات بأعمالها ومساس التعديلات في طبيعة العمليات والخدمات التي تقدمها.
هذا الجزء البسيط من المراجعة لسياسات الاعمال في المؤسسات الرسمية الوطنية يضمن بالمحصلة سلاسة الإجراءات وانسيابها وعدم تعارضها وبالتالي الوصول لخدمة أفضل لمتلقي الخدمة بهدف تبسيط الإجراءات وحصر المتشابك منها وتفكيكها واسقاط التعديلات والتحديثات عليها لتصبح متوافقة لكافة الإجراءات التي تستند لتلك التشريعات في أية مؤسسة كانت دون تخبط من متلقي الخدمة ووقوفه حائراً من أين يبدأ.
كثيرون يهاجمون البيروقراطية نفسها كحالة «معطلة» للإصلاح، لكن لا توجد دولة تستطيع الاستمرار بدون جهازها البيروقراطي، والمشكلة لا تكمن في البيروقراطية نفسها، بل في ضرورة إصلاحها وصيانتها المستمرة لتستمر الحركة في مؤسساتها.
الدستور