كلام وجداني عن الأردن وفلسطين
شحاده أبو بقر
25-02-2024 12:40 AM
ميزة الخطاب السياسي الأردني منذ تأسست دولته الحديثة بقيادة وريادة الهاشميين آل البيت، أنه ودون غيره من دول العالم، خطاب واضح صريح يلتزم بالقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، ولم يخرج قط عن هذا الثابت مهما كان الثمن.
هذا الخطاب المسنود بمواقف سياسية منسجمة بالكلية مع مبادئه، أكسب المملكة الأردنية الهاشمية، احترام وتقدير العالم كله، وبالذات، عواصم النفوذ في هذا العالم.
وللدلالة على هذا الالتزام الشريف والمشرف، فلقد كان الموقف الأردني من قضية فلسطين عبر العقود، موقفاً مبدئياً ثابتاً لا رياء ولا مراوغة ولا تدليس فيه على الإطلاق، برغم ما واجه الأردن الكثير من هذه الممارسات المتذاكية والمتنطعة ظلما وزوراً وحقداً وحسداً..!
ولأن العدالة في السماء، فلقد صمد الأردن صمودا أسطوريا لم يكتب لكثيرين غيره، فقد هدمت عروش وسارت نعوش وإجتاحت الفوضى أوطانا كثيرة حل بها الخراب وإستباحتها دول طامعة وطامحة، وظل الأردن ويبقى بعون الله، حالة فريدة في الأمن والاستقرار والنماء ينشد الحياة الكريمة فيها، كل الفارين بأرواحهم وأطفالهم وأسرهم من أقطار شقيقة نتألم كثيراً لما أصابها.
الأردن القابض على جمر الصدق والوضوح والموقف المبدئي الحق في هذا الزمن الإقليمي والعالمي الذي عنوانه الصراع والدم والهيمنة والإحتلال البشع الظالم وسيادة منطق القوة على قوة المنطق، هو الوطن الأقرب إلى فلسطين وقضيتها وعذابات شعبها الشقيق، والأكثر تأثرا بما يجري على أرضها السليبة ومقدساتها، ومن له رأي آخر، فليقله لنا.
هذا يعني، أن قضية فلسطين قضية مركزية أردنية جغرافيا ديمغرافيا سياسيا اقتصاديا واجتماعيا، ومن يرى أنه أقرب منا وضحى وما زال من أجل فلسطين أكثر منا، فليواجهنا بما يدحض قولنا هذا.
اليوم، قضية فلسطين التي تشكل مركز الاهتمام الأول للأردن ملكاً وشعباً وحكومة وسلطات، باتت على رأس سلم اهتمام العالم، وتحديداً عواصم النفوذ الدولي، وأجر الملك الأردني الهاشمي على الله، لقاء نضاله السياسي طيلة ربع قرن على هذا الصعيد.
وبما أن الأردن دون غيره لم يقترب قط من محاولة شق الصف الوطني الفلسطيني، إلتزم على الدوام بالتعامل الرسمي مع السلطة الفلسطينية باعتبارها هي من تمثل الشعب الشقيق، فإن هذه العلاقة تقتضي أصولها، أن تكون واضحة شفافة لا غموض فيها إطلاقا، تحت تأثير أية تدخلات خارجية أيا كان مصدرها.
المعنى هو أن تكون الصراحة التامة هي بوصلة هذه العلاقات الأردنية الفلسطينية، وبالذات، في هذا الوقت الذي يشهد مقترحات ونقاشات وسيناريوهات بعضها واضح نوعا ما، وبعضها يشوبه غموض من نوع ما.
ليس لفلسطين ولقضيتها ولشعبها الشقيق إلا الأردن بعد الله سبحانه، وهذا ثابت تاريخي منذ عشرينيات القرن الماضي، وكما قلت في مقال سابق، فإن نصف الحل العادل إن سارت الأمور صوبه، هناك غرب النهر، ونصفه الآخر هنا شرق النهر، وأي وهم آخر هو مجرد وهم لن يكون حقيقة قط.
الله جل في علاه، هو وحده عالم الجهر وما يخفى، وهو سبحانه، مع الصافية قلوبهم الواضحة سرائرهم المتعاونين بنقاء من أجل فلسطين وقدسها ومقدساتها وزوال أسوأ احتلال عرفه التاريخ عنها، وقيام دولة فلسطين الحرة المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية.
لقد بات لزاماً علينا ومعاً في الأردن وفلسطين، تجاهل أية ممارسات أو مخططات من شأنها محاولة تغيير سيرورة التاريخ وشق صفنا أملاً في تحقيق أحلام بائسة ليس للأردن ولفلسطين فيها أية مصلحة وطنية.
الشعبان هنا شرق النهر وهناك غربه، هما من تجرعا مرارة الحروب وإقتسما لقمة العيش في الزمن الصعب، وهما دون غيرهما، من عانيا وما زالا، العذاب جراء ذلك كله، وهما لذا من بيدهما القبول أو الرفض لأية حلول أو إجراءات قد تطرح على موائد التفاوض مستقبلاً، وما عدا ذلك، فهو مضيعة وقت وإدامة للاحتلال وللهيمنة الصهيونية على سائر فلسطين.
اللهم ارفع الغمة عن أهلنا في غزة وكل فلسطين، واضرب الظالمين بالظالمين، وكلل وحدتنا الوجدانية الإنسانية في الأردن وفلسطين بالظفر والنصر على كل ما يعاندهما. الله من أمام قصدي.
الرأي