التعليم المهني هو ما يتعلق بالتعليم والتدريب المختص بالمهن الحرفية او التي تحتاج الى جهد بدني في تطبيقها، ولا تكتفي بالتعليم النظري ومن يدربونها او يقومون بتعليمها هم من سوق العمل الذين يحملون خبرة مباشرة في مزاولة المهنة التي يعملون على تدريبها وتعليمها.

البطالة المتزايدة في الأردن يمكن أن تعزى جزئيًا إلى نسبة الخريجين العالية في الجامعات. ومع ذلك، تظل العديد من المهن التي تحتاج إلى مهارات ميدانية تفتقر للكفاءات، مما يجعل الحاجة إلى العمالة الأجنبية ضرورية وما لذلك من تحديات اقتصادية على المدى البعيد، الأمر الأخر هو ان المهن اليدوية في الأردن لا تُطبق عملياً ضمن الأطر الحديثة، والعاملين في هذه المهن لا يواكبون التغيرات المستمرة في العالم بأسلوب ومنهج علمي معاصر. فالتعليم المهني والعمل التطبيقي هو الأساس العام لأي اقتصاد يسعى الى تطوير ذاته وجذب الاستثمارات. في الأردن التعليم المهني مُهمش، ومن يتطرقون اليه هم الذين لا يملكون القدرة المالية على استكمال تعليمهم، وتكمن المشكلة الأساس بأن المتطرقين للتعليم المهني او الوظائف المهنية لا يستسقون المهارات اللازمة للتطور بشكل علمي صحيح او مدروس، مما يشكل تشوه ادائي يظهر على المدى البعيد.

إذا، هل نحن بحاجة الى النظر في التعليم المهني في الأردن؟ هل نحن بحاجة الى مشروع لتطوير التعليم المهني في الأردن (تطوير المنهج وتطوير المدربين والمعلمين) بهدف تحسين جودة المخرجات التي ستنعكس على الدولة الأردنية، والتغلب على التحديات الاقتصادية الراهنة، وزيادة فرص العمل للشباب؟

ومما علمت ان معالي الدكتور عزمي محافظة، وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، يقود مشروعا تعليميا ثوريا في الأردن يركز فيه على الموائمة بين حاجات المجتمع والسوق الأردني ومخرجات التعليم المهني.

هنالك العديد من التجارب الأوروبية التي يمكن ان تتخذ كنموذج في تطوير التعليم في الأردن، فعلى سبيل المثال، يعتمد التعليم المهني في ايطاليا على 3 نقاط أساسية هي:1- التعليم الثانوي المهني 2- الدبلوم المهني لمدة سنة او سنتين من مراكز ومعاهد متخصصة ومعترف بها 3- التعليم المهني الفاعل في الجامعات الخاصة والحكومية.

وبالإضافة الى ذلك، قامت إيطاليا بعملية تنظيم العمالة المهنية كالكهربائيين والسباكين والميكانيكيين والعاملين في قطاع الزراعة والنقل والبناء وغيرها، من خلال عمل نظام للحصول على شهادات ودورات مهنية التي تسمح بمزاولة المهنة، حيث لا يسمح بالعمل بدونها. وكما وتهدف هذه العملية التنظيمية برفد السوق الأوروبي الذي يعاني من حاجة كبيرة للعمالة المهنية المختصة بكفاءات مدربة.

ختامًا، نحن بحاجة الى مشروع تطوير التعليم المهني في الأردن والذي يهدف إلى تحقيق تحسين ملموس في نوعية التعليم المهني وزيادة فرص العمل للشباب وتعزيز الاقتصاد المحلي. ولابد من تطبيق المشروع عبر محورين أساسيين يهدفان الى تغطية الجوانب الاجتماعية والتدريبية التعليمية:

أولاً: وهو محور توعوي اجتماعي، ويهدف الى الغاء الصورة النمطية التي تتواجد عند الشباب الأردني، ومحاربة ثقافة العيب التي ما زالت متواجدة، وايضاً تغيير نظرة المجتمع الى ان الشهادات الأكاديمية بأنها هي التي ترفع من قيمة الشخص او مكانته، او تعتبر مقياس نجاح، وايضاح بأن العمل في الأعمال المهنية له جوانب اقتصادية جيدة قد تتفوق احياناً على السوق العمل المعتاد بعد الدراسة الجامعية النظرية.

ثانياً: انشاء معاهد جديدة وتوزيعها على المحافظات في كافة انحاء المملكة، وايضاً تطوير الجامعات والمعاهد ومراكز التدريب الحالية والعاملين فيها وذلك بالاستفادة من التجربة الأوروبية، وجعل المعايير الأوروبية هي المستخدمة مما سيجعل المعاهد والمؤسسات التعليمية الأردنية المهنية معتمدة وموثوقة لأصحاب العمل في دول الإتحاد الأوروبي. ويمكن في سبيل تحقيق ذلك التوجه نحو الجهات المانحة للحصول على الدعم. بالإضافة الى بناء جسور تواصل بين المؤسسات المختلفة مما سيكون له التأثير الجيد على تحسين جودة التعليم المهني في الأردن.