ذات مرة قبل سنوات كتبت مقالا عنوانه ( يا وزير الداخلية خذ محافظك من مدينتنا ) غضب عطوفة المحافظ من قساوة النقد فالتف حوله بعض المنافقين متضامنين بل قل محرضين ثم انتقلوا إلي لإقناعي بزيارة عطوفته والاعتذار منه ليقال أننا جئناك بهذا الكاتب معتذرا طالبا الصفح ولكن مساعيهم الخبيثة فشلت أمام رفضي العنيد للاعتذار.
لجأ عطوفة المحافظ إلى القضاء فتقدم ضدي بدعوى ذم وقدح ولمزيد من الحياد والشفافية لم يسجل دعواه لدى محكمة السلط حيث هو الحاكم الاداري وإنما سجلها لدى محكمة صلح صويلح حيث يقع مكتبي .
وبعد اقل من شهر كانت هناك مناسبة في المركز الثقافي الملكي فإذا بيد تربت على كتفي فالتفت فإذا هو عطوفة المحافظ يبادرني بالسلام قائلا انا مسامحك وقد أسقطت الدعوى فلم أجد كلمات ارد بها عليه فقد غلبني وسبقني إلى المعروف حين شده النسب الرفيع فتصرف كأبن شيخ كبير من عشيرة كبيرة ذات شأن .فأصبحنا أصدقاء حتى اليوم ، كان ذلك هو سامح المجالي ولكل إمرئ من أسمه نصيب .
في العام ١٩٦٧ كان المرحوم علي حسن عودة محافظا للبلقاء رجل واسع الثقافة والمعرفة احبه الناس واحترموه ثم جاء بعده المرحوم احمد الهنداوي الذي كان يصر يوميا على الخروج منفردا من سكن المحافظ إلى مبنى المحافظة مشيا على الاقدام رغم بعد المسافة متفحصا حال الناس وواقع الخدمات في المدينة .
ولاحقا جاء المرحوم فالح باشا الغرايبه من لواء في الأمن العام إلى محافظ للبلقاء فشكوته ذات مرة الى رئيس الوزراء بمقال قاس على صحيفة شيحان فلم يبدر منه الا بعض عتب رقيق من نائبه ، ومثله اللواء محمد باشا الطرزي محافظ اخر من رتب المؤسسة العسكرية ولكن أيا منهما لم يتصرف كعسكري بل كاداري خبير وابن عشيرة قدير وقانوني خبير .
ثم جاء المحافظ ثامر ابن ملوح ابن عواد السطام الفايز يحمل شهادة ماجستير في الإدارة ولكنه يحمل أيضا خبرة ابن الشيوخ رفيع النسب .
كان وزراء الداخلية يعرفون السلط ووعورة أدارة وسياسة السلطيين في مدينة تزدحم بالوجهاء والعباءات الأنيقة مثلما تزدحم بالمثقفين والسياسيين فيرسلون لها من يجمع بين نسب العشيرة وخبرة الحياة وسيادة القانون .
نظام التشكيلات الإدارية هو الذي حدد اختصاص وصلاحيات المحافظ ولكن القانون يظل أصما عن المشاعر البشرية والمواصفات والقدرات الشخصية فقيادة الناس علم لا يكتفي بالشهادات الأكاديمية والمعرفة القانونية ، وإنما هو أوسع من ذلك بكثير