أنياب "الفيتو الامريكي" وسيلة حرب ضد الفلسطينيين.. من لم يمت بالقصف سيموت من الجوع والمرض

في شدة احتدام الحرب الصهيونية المجنونة للعدوان على قطاع غزة الفلسطيني في اليوم الـ137 والذي تجاوز عدد ضحاياه 29 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، فضلا عن تهجير معظم سكان القطاع وهدم معظم منازله، ناقش مجلس الامن مساء الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024 مشروع قرار قدمته الجزائر وبمقتضاه يدعو مجلس الأمن إلى "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية تحترمه جميع الأطراف"، كما يرفض مشروع القرار "التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين"، ويدعو إلى وضع حد لهذا "الانتهاك للقانون الدولي"..إختارت بريطانيا الامتناع عن التصويت، لتتبقى 14 دولة وافقت 13 منها على القرار ورفضته دولة واحدة هي الولايات المتحدة، لكن لسوء الحظ فهذه إحدى الدول الـ 5 الدائمة العضوية التي تمتلك حق النقض (الفيتو) الذي يمكنه ببساطة عرقلة صدور أي قرار حتى لو وافقت عليه كل الدول الأخرى.

المثير أن هذه ليست المرة الأولى وإنما الثالثة التي تستخدم فيها واشنطن حق الفيتو لعرقلة صدور قرار بهذا الشأن منذ انطلاق الحرب الصهيونية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، وللتذكير بهذا الصدد فقد استخدمت الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ السبعينيات حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لإحباط مشاريع قرارات تدين الممارسات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أوتطالبها بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967. ولمرات لا تحصى استخرجت واشنطن هذا السلاح لحماية حليفتها، ما جعل الأخيرة تدوس على قرارات المنظمة الأممية..

مبررات البيت الابيض لا تختلف كثيرا هذه المره خلال إيجاز صحفي للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي مساء الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024 حيث قال إن الإدارة الأميركية لا تعتقد أن الوقت قد حان لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، مضيفا أن أي وقف دائم لإطلاق النار سيسمح باستمرار سيطرة حماس على القطاع كما أن بلاده تؤيد وقفا مؤقتا لإطلاق النار، لمدة أسبوع على الأقل قابل للتمديد لمدة تصل إلى 6 أسابيع، من أجل إطلاق حماس سراح الأسرى الإسرائيليين لديها وإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة..

اعتقد جازما بان هذا التصرف الامريكي السافر بحق اهل غزة وتسليط أنياب الفيتو الامريكي للفتك في الاطفال والنساء من اهل غزة العُزل والتنيجة المؤلمة من لم يمت بالقصف سيموت من الجوع والمرض... لقي الموقف الأميركي استهجانا كبيرا، كما أنه يتحدى إرادة المجتمع الدولي ويعطي ضوءًا أخضر إضافيا لدولة المشروع الصهيوني البريطاني لمواصلة عدوانها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة..

وبالنظر للوضع الانساني المتدهور في قطاع غزة فقد بعث الفيتو الأميركي برسالة خاطئة، ويدفع الوضع في غزة إلى مستوى أكثر خطورة، وأن الاعتراض الامريكي على وقف إطلاق النار في غزة لا يختلف عن إعطاء الضوء الأخضر لاستمرار المذبحة ، لا بل هو التزام أخلاقي لا يسع احداً التهرب منه ، وأن امتداد الصراع يزعزع استقرار الشرق الأوسط، مما يزيد من مخاطر نشوب حرب أوسع نطاقا..

إن إساءة استخدام الولايات المتحدة لحق النقض من أجل حماية دولة المشروع الصهيوني البريطاني والتي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين، هو مظهر من مظاهر المعايير المزدوجة غير القانونية وغير المعقولة وهو اي الموقف الامريكي " المعارض دوماً " لرغبة المجتمع الدولي في إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط ..

نتساءل هنا وبألم:

هل سيبقى حق النقض الفيتو " واقع الأمر : حق إجهاض لقرارات مجلس الامن " سيفا مسلطا من خمسة دول على سكان الكون ويدوسون به على انسانية البشر ؟؟.. تمتلك هذه الدول حق الاعتراض على أي قرار يقدم لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دون إبداء أسباب، ويُمنَحْ للأعضاء الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن وهم: (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة).. حق النقض هو الجانب الأكثر غير ديمقراطية في الأمم المتحدة، وعامل أساسي في تقاعس المنظمة عن اتخاذ إجراءات بشأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. لأنه يمنع بشكل فعال الأمم المتحدة من اتخاذ إجراء ضد الأعضاء الدائمين وحلفائهم...

نحن بحاجة الى ثورة كونية لاعادة النظر باحتكارية الفيتو التي وضعتها الدول الاستعمارية بعد الحرب العالمية الثانية والى يومنا هذا؟؟!!..

* باحث ومخطط استراتيجي - الاردن