مجلس النواب الحالي يكاد يكون اغرب مجلس في تاريخ السلطة التشريعية في الاردن منذ تأسيس الامارة, حيث ان "الثيرموميتر" لديه يتحرك صعودا وهبوطا بسرعة رهيبة لا يستطيع اي متابع اي يقرأ توجهات السادة النواب.
المجلس الحالي صوت امس الاول على مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لسنة 2011 ومنحها 95 صوتا, وهو امر يكاد لا يفهم من سلوك النواب الذين منحوا الحكومة الشهر الماضي ثقة 63 صوتا وكانوا قبلها بـ 40 يوما بالتحديد منحوا حكومة الرفاعي 111 صوتا.
التصويت بهذا الشكل لا يعطي انطباعا ايجابيا عن نشاط النواب وسلوكهم. وهو امر يدلل على وجود عقدة في عقلية الكثير منهم مع احترامنا للقلة القليلة من النواب الذين انسجموا مع انفسهم واحترموا عقول قاعدتهم الانتخابية ومنحوا وحجبوا الثقة بناء على ذلك.
التصويت على الموازنة بهذا القدر الكبير لا يتناسب مع حجم الثقة التي منحها النواب لحكومة البخيت وهي لذات الغرض. فالموازنة هي خطة الدولة المالية لسنة كاملة. ولم تأت الحكومة بجديد حتى ينقلب النواب على ما قاموا به اثناء جلسة الثقة التي بلغت 63 صوتا. فوزارة البخيت لم تفعل شيئا كثيرا حتى يرتفع " الثيرموميتر " الى 95 صوتا في الموازنة.
ردة فعل النواب باتت غريبة ومتناقضة عند المواطنين. ويرى الكثير من المراقبين ان المجلس غير مؤهل اليوم بعد هذه السلوكيات لدعم اية اصلاحات مزمع السير في خطواتها. فالفجوة بين النواب وبين المواطنين باتت كبيرة. حتى أن لغة السادة النواب الخطابية حول الموازنة كانت بعيدة كل البعد عن فهم الواقع الاقتصادي والتحديات التي تحيط بالامن المعيشي للاردنيين. وكل همهم هو المطالبات المناطقية والتعيينات والضغط على الخزينة بمختلف الوسائل للحصول على مكتسبات لقواعدهم الانتخابية. علما ان دورهم الحقيقي يأتي كضابط ايقاع للمسيرة التنموية والاصلاحية ووضع باقي المؤسسات على السكة الصحيحة بعد ان يكونوا قد اطرَّوا التشريعات الناظمة لعمل تلك المؤسسات ومراقبة وتقييم انشطتها بعد ذلك.
لم يعد الامر يعني الكثير من المواطنين من سلوكيات في جلسات التصويت. فسواء منحوا ام حجبوا فالامر سيان عند المواطنين الذين شاهدوا انقلابات النواب في مواقفهم بتلك السرعة المريبة.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)