في أزمة مثل العدوان على غزة تظهر تلك المجموعات المنظمة التي وجدت في وسائل التواصل فرصة للاختباء خلف أي اسم أو جنسية، ومعها البعض في داخلنا يظهرون كممثلين شرعيين وحيدين للوطنية والعروبة، والهجوم أولا على الأردن وبعد ذلك إن بقي وقت يكون الاحتلال الاسرائيلي.
كلهم يلبسون لباس العروبة والوطنية ونحن في الأردن شياطين ضيعنا حق الأمة ، وأن تحرّك الأردن إنسانيا وسياسيا وبذل جهده وأكبر من جهده لا يجد من هذه المجموعات المنظمة المختبئة خلف الهواتف وأجهزة الكمبيوتر إلا الإساءة والاتهامات .
ما نتحدث عنه ليس عجيبا أو يحتاج إلى تفسير فوق العادة فالقصة ليست حبا لفلسطين أو غيرة على الوطنية والعروبة بل هو الحقد على كل ما هو أردني ،والغريب أن من يتصدون خلف الشاشات لتعليمنا، نحن الأردنيين ودولتنا الأردنية، العروبة والوطنية ويغمضون عيونهم عن أنفسهم ومواقفهم وعن حلفائهم وأفعالهم و تقصيرهم والسبب ليس له علاقة بالمواقف بل بحقد لن يزول على الجغرافيا الأردنية وأهلها وقيادتها والثاني المال والمنافع والمصالح الذي يحول " أبطال الديجيتال" إلى أدوات تبحث عن دعم ومصالح وأيضا فرصة لإخراج سموم الحقد على هذا البلد .
هم لايقرأون التاريخ ولاينظرون إلى الواقع وهذا ليس نقصا في الثقافة بل هي قوانين الاستهداف وبث السموم التي تفرض على صاحبها ألا يرى الشر إلا في الهدف الذي يتم تحديده له .
الأردن الذي يظلمه حتى بعض أبنائه لم يرضخ لضغوط أميريكا ليكون جزءا من اتفاق كامب ديفيد بديلا عن الفلسطينيين، والأردن ليس أول من يوقع اتفاقا مع إسرائيل بل هم قادة منظمة التحرير في أوسلو، والأردن لم يملأ آذان العرب كذبا وادعاءات ببطولات وهمية وشتائم للعدو وفعل نقيض هذا الأكاذيب، والأردن لم يتخلف جيشه عن قتال لمصلحة فلسطين عندما كان قرار العرب بالقتال، والأردن لم تمنعه معاهدة السلام عن أي موقف صلب أو إجراء يخدم الشعب الفلسطيني .
الأردن هو الذي رفض صفقة القرن في فترة ترامب، والأردن هو الذي لم يتوقف عن كل سعي للتخفيف عن أهل غزة، كان مثل كل دول العرب والمسلمين بما فيها إيران وتركيا والسلطة الفلسطينية التي تعاملت بالأدوات السياسية لوقف العدوان، لم يكذب على شعبه وأمته، بل كان وما يزال متقدما على الجميع في بذل كل جهد مع دول العالم إنسانيا وسياسيا، وكان الملك يشارك في عمليات الإنزال للمساعدات، ورافقه ولي العهد بمساعدات أردنية إلى رفح .
يا أيها المعلمون للأمة دروسا في الوطنية والعروبة ما الذي فعلته الدول التي تغنون لقادتها ولم يفعله الأردن، بل ماذا فعلت السلطة الفلسطينية بكل تفاصيلها أكثر مما فعل الأردن بل ماذا فعلتم ومن تمثلون من تنظيمات على أرض الأردن أو خارجها أكثر مما فعل الأردن، وبوضوح أكثر ماذا فعلت الدول التي تحرك أجهزتها وأموالها أكثر من الأردن.
القصة ليست خاصة بهذه المرحلة بل منذ عقود، فدول كانت أنظمتها تدعي القومية ونصرة فلسطين جلبت للأمة الهزيمة، وصنعت في داخل العرب كل أنواع الشقاق، وكانت أهم واجباتها محاولة صناعة انقلابات في الأردن أو دعم خارجين على الدولة وسيادتها مع هجوم لم ينقطع من إعلامها في تلك المرحلة .
الأردن وأهله لا يبحثون عن حسن سلوك من أي طرف، فنحن نعلم ما الذي يجري، ونعلم الصدق من الكذب، ومن فرط وضيع فإنه معلومٌ حتى وإن عاش تحت عواصف الحديث الكاذب، لكن قدر الأردن أن كثيرا ممن شربوا من ماءه وأكلوا من خبزه وعاشوا تحت ظله أولويتهم الإساءة لهذا البلد وتشويهه أكثر مما هم معنيون بمواجهة الاحتلال ..