مجاعة غزة جريمة حرب وكارثه إنسانية
سالم البادي
21-02-2024 11:11 PM
قال تعالى:{إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون}(آل عمران:١٦٠)
واضح ان العجز العربي الاسلامي والدور الدولي قد كشف حقيقته ودخل في مرحلة جديده ، وها هو ينغمس اكثر فاكثر في مستنقع الارتهان والتبعية الكاملة وغير الاخلاقية للغرب النازي العنصري والسياسة الصهيوإمريكيه التي نسفت كل الأعراف الإنسانيه والسلوكيات الاخلاقيه والقوانين والأنظمة الدوليه، واستهدفت بمنتهى الوحشية والبربرية ابناء فلسطين وقطاع غزة المحاصر.
بعد مرور خمسة اشهر على شن الحرب الصهيونيه الغربيه الامريكيه على قطاع غزة، لم تستطع قوى الشر والطغيان والاستبداد والاحتلال ان تنفذ اهداف حربها الشنعاء الفاشيه الخاسرة ، فما كانت إلا أن تلجأ الى سلاح صهيوني أكثر إجراما ووحشيه ، وبدعم غربي امريكي الا وهو سلاح الجوع ،وسط صمت وعجز المجتمع الدولي حتى عن إرسال مساعدات إنسانية لمئات الآلاف من الجوعى ، والأطفال والمرضى والجرحى الذين يقاسون ضنك العيش جراء النقص الحاد في الغذاء والدواء والماء، وهم تحت وطأة صراع البقاء ، مما لجأ بعض السكان إلى تدابير قاهرة كطحن العلف الحيواني وتناوله للبقاء على قيد الحياة.
"الأونروا" هي الجهة الوحيده المسؤولة عن توفير الدعم الغذائي والرعايه الصحيه، وباتت اليوم ممنوعة ان تقدم خدماتها للشعب الغزاوي بسبب سياسة الكيان الصهيوني المحتل ودعما من امريكا والغرب وشركائهم وعملائهم في تطبيق سياسة العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني، حيث يخدم 30 ألف موظف في الأونروا حوالي 3 ملايين لاجئ فلسطيني في الضفة الغربية وغزة .
تمنع قوات العدو المحتل سكان غزة حتى الوصول إلى المياه الصالحه للشرب، فضلا عن منع وصول المساعدات الإنسانية الضروريه المتكدسه في معبر رفح .
بل قامت قوات العدو الصهيوني المغتصب والمتغطرس بتجريف معظم الأراضي الزراعيه في القطاع ، بما فيها البساتين والبيوت المحميه ، ولم تكتفي بذلك فحسب فدمرت قوارب الصيادين وادواتهم واستهدفتهم عمدا .
إن سلاح الجوع الذي تستخدمه قوات العدو المحتل لا يقل خطورة عن القنابل والصواريخ، وعمليات القتل الوحشيه المرعبه والتعذيب والهدم والتدمير وعمليات التهجير بهدف تركيع الفلسطينيين ودفعهم الى الاستسلام.
المعايير الدوليه
وفقاً للمعايير الإنسانية للأمم المتحدة يتم الإعلان عن المجاعة عند معايير معينة للوفيات وسوء التغذية والجوع والمعايير هي:
_ عندما يواجه ما لا يقل عن 20% من الأسر في منطقة ما نقصًا حادًا في الغذاء مع قدرة محدودة على التأقلم.
_ عند انتشار سوء التغذية الحاد في الأطفال بنسبة تتجاوز 30%.
_ عند تجاوز معدل الوفيات شخصين لكل 10,000 شخص في اليوم .
أحكام القانون الإنساني التي تحظر المجاعة
في حالات النزاع والحرب ، يحظر القانون الدولي الإنساني تجويع المدنيين باعتباره أسلوبًا من أساليب الحرب (البروتوكول1، المادة 54،البروتوكول 1، المادة 14).
ويعتبر القانون العرفي ملزمًا لجميع المتحاربين بما في ذلك الجهات الفاعلة من غير الدول سواء صدقت أم لم تصدق على اتفاقيات الأنشطة الإنسانية. ويحظر أيضًا مهاجمة أو تدمير المنتجات الغذائية، والمناطق الزراعية المخصصة لإنتاج الموادّ الغذائية والمحاصيل والماشية ومنشآت مياه الشرب والإمدادات وأشغال الريّ. وتعتبر هذه البضائع من الأعيان المحمية لأنها من الموادّ التي لا يمكن الاستغناء عنها لبقاء السكان المدنيين (البروتوكول1، المادتان 54-2، 54-4، البروتوكول2، المادة 14، القاعدة 54).
المحكمه الجنائيه الدوليه
ينصّ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن تجويع السكان المدنيين يشكل جريمة حرب عندما ترتكب في سياق نزاعات مسلحة دولية. وفي مواقف أخرى، يمكن أن تكون، في ظل ظروف محددة، جريمة ضدّ الإنسانية وفق تعريف “الاضطهاد” أو “الإبادة” (الموادّ 8-2-ب -25 و7-2-ب من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
كانت مجاعة الصين هي أكبر مجاعة حدثت في العصر الحديث بين عامي 1959 و1961 إذ يصل عدد القتلى الناجم عنها إلى عشرات الملايين .
بيد أنه لم يشهد العالم منذ الحرب العالمية الثانية مجاعة سريعة وكاملة للمدنيين كما يحدث في قطاع غزة المحاصر الان .
أين الموقف العربي والإسلامي؟؟
ما زال الموقف العربي والإسلامي مغيب حتى الآن ولم يحرك ساكنا لنصرة اشقائه واخوة العروبه والدين ، وقد حذر ربنا سبحانه فقال: ﴿والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير﴾ [الأنفال:٧٣].
فالواجب من المؤمنين اليوم أن يبذلوا كل غال لنصرة أمتهم والذود عن حياضها، والدفاع عن أراضيها ومقدساتها، ونصرة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، قال تعالى: ﴿وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هٰذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا﴾ [النساء:٧٥].
وما زال الاشقاء في غزة ينتظرون وقفة انسانيه وأخلاقيه من اخوانهم العرب والمسلمين وإن لم يكن بالسلاح والمال فأقل ما يقدموه هو الدعم السياسي والمعنوي والسماح بادخال المساعدات الانسانية لابناء القطاع المنكوب والذي يرزح تحت وطأة الجوع والعطش.
أن كل الدول العربيه والإسلامية والدوليه أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية تجاه هذه الجريمة الانسانيه والإبادة الجماعيه،
بات أكثر وضوحا اليوم من أي وقت مضى أنه يجب على كل دول العالم أن تقف موقفا صارما متحدا وليس بالتنديد وادانة جرائم الصهاينه والامريكان التي قد تودي بحياة اكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة فحسب ، بل باتخاذ إجراءات اكثر وقعا وفاعليه على الأرض من أجل وقف هذه الحرب العبثيه، والحد من غطرسة وهمجية ووحشية هذا العدو الوحشي المغتصب المتجرد من الأخلاق والقيم الإنسانيه.
ألم يحن الوقت للمجتمع الدولي أن يستجيب لصرخات الأطفال واستغاثة النساء والشيوخ والمرضى والجرحى والاف الأسرى، وأن يمارس ضغطاً سياسياً واقتصادياً حقيقياً على الكيان الصهيوني المحتل وحلفائه لإنهاء المجاعة والإبادة الجماعية في غزة فورا؟؟ .
قال تعالى: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون}.[الحديد: ١٦].