ما تمارسه إسرائيل اليوم من بلطجة على كل المستويات ، ضاربة بعرض الحائط القوانين الدولية بما فيها قوانين الأمم المتحدة ومؤسساتها ، وفي مقدمة هذه المؤسسات مجلس الأمن الذي من المفترض أنه صاحب الولاية القانونية على مجريات الأحداث في العالم، كذلك إدارة إسرائيل ظهرها للمحاكم الدولية والقواعد الأنسانية التي أقرها العالم ، حيث تقوم باحتلال الأرض الفلسطينية وتمعن بقتل الشعب الفلسطيني وتشريده من أرضه وتحرم عليه دخول مقدساته وتهدم مساجده وبيوته وتحرق مزارعه له علة واضحة وضوح النهار..
فإسرائيل تمعن بهذه البلطجة لأن العالم لم، يتعامل معها بجدية وحزم ويمثل موقفه ازائها كموقف الأهل الذين يتمنون على إبنهم العاق أن يعدل سلوكه دون أن يتخذوا أي فعل ضده على الأرض ، هذا هو الواقع اليوم بصورته الحقيقة ، فإسرائيل حتى اللحظة لا تواجه أي تهديد حقيقي بالعقوبة من أي جهة دولية على ما تفعله وفعلته بفلسطين وبالفلسطينيين ، وما الأمر إلا قرارات لا تساوي قيمتها قيمة الورق الذي تكتب عليه ، فكثير من دول العالم تنتقد وتزمجر على إسرائيل من على المنابر الدولية وفي الإعلام ، وبذات الوقت تقوم بدعمها ومساندتها مع عجز كامل للمؤسسات الدولية الفاعلة امام الفعل الإسرائيلي في حين تكون هذه الهيئات فاعلة بقراراتها ضد أي دولة أخرى في العالم تخرج عن قوانينها ، فمنذ عقود طويلة وإسرائيل تهدد السلم العالمي باحتلالها للأراضي الفلسطينية وممارستها لكل أصناف البلطجة على أصحاب الأرض ، والعالم يصمت عليها ويدعمها ويؤازر مواقفها إلى حد بعيد إلا من رحم ربي ، وهؤلاء لا يملكون تأثيرا فعليا على القرار في العالم .
ما تمارسه إسرائيل اليوم في غزة من قتل وإبادة جماعية وتجويع لم يستحق من كثير من دول العالم إلا مناشدتها لتخفيف إجراءاتها هناك ، ولا حديث جدي إلا عن الراهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية ، متجاهلة هذه الدول آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية الذين يعانون من وحشية ممارسات لم يشهدها تاريخ المعتقلات في العالم ، ومتجاهلين ما يجري في الضفة الغربية من ممارسات لا تقل كثيرا قسوة وبشاعة عما يجري في غزة .
كما أن هذه الدول أسقطت منذ زمن الحديث عن حق ملايين الفلسطينيين في الشتات الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق بالعودة ، حيث صمت العالم منذ قرن على جريمة قلع شعب وتهجيره من أرضه تحت عنوان مزيف سوقته الصهيونية وهو إنصاف اليهود ورفع الظلم عنهم ، في الوقت الذي اعتبر الكثير من اليهود ويعتبرون أن ما قامت به الصهيونية في فلسطين ليس له علاقة بمعتقداتهم وحقوقهم.
المعادلة واضحة وحلها بائن ، فإذا أرادت دوائر القرار الدولي إنهاء مأساة فلسطين وشعبها لمارست ما هو أكثر من المناشدة لإسرائيل والتمني عليها الرجوع عن مشاريعها والتوقف عما تمارسه ضد الفلسطينيين ، حيث يصمت المجتمع الدولي على ما تفعله وتعلنه الحكومة الإسرائيلية الحالية المشكلة من عتاولة الإرهاب الصهيوني ، الذين لا يترددون بالإعلان عن نيتهم إبادة الشعب الفلسطيني وعدم الاعتراف بحقه في أرضه وحياته وحريته ، بل تعدى الأمر إلى عدم اعتبارهم بشر من قبل هؤلاء ، ولا يقف إرهاب الحكومة الإسرائيلية عند الفلسطينيين بل تخطى هؤلاء بعربدتهم وإرهابهم وخرافاتهم حدود فلسطين إلى المنطقة كلها وتهديدهم بحرقها .
لنتصور أن حكومة عربية قالت أنها ستحرق إسرائيل وتقتل الإسرائيليين وتبيدهم وأن هؤلاء ليسوا بشرا ماذا سيكون رد فعل العالم ، ولنتصور أن دولة إسلامية تقول أن مشروعها تدمير إسرائيل ماذا ستكون النتيجة ، العراق دمر بسبب عدة صواريخ أطلقها باتجاه تل أبيب .
الفلسطينيون ومقاومتهم لم يقولوا أنهم يريدون إبادة الإسرائيليين ، هم يطالبون بحقوقهم في الحياة كباقي البشر وهذا ذنب كبير أمام الكثير من العالم حتى يتهمو بالإرهاب .
إذا الصورة واضحة وجلية بعقد القضية وطرق حلها أيضا واضحة إذا أراد أصحاب القرار في العالم إنهاؤها ، لكن صمتهم ودلالهم للأسرائيليين هو ما أوصل القضية إلى هذا المستوى من التعقيد ، لا حل للصراع إلا بإنهاء الاحتلال والاعتراف الحقيقي والفعلي بحق الشعب الفلسطيني بأن يكون له دولة كاملة الأركان في السيادة والاستقلال كباقي شعوب الارض وغير ذلك تضييع للوقت يصل حد الكذب والنفاق وسنصل إلى مرحلة أكثر تعقيدا وصداما حيث ستعود إسرائيل لتواجه الموقف ذاته عند قيامها بعدم اعتراف أحد من العرب والمسلمين بها وسيعود الشعار ذاته تحرير فلسطين من البحر حتى النهر ساعتها ماذا سيفعل من يقف خلف إسرائيل ، وأي ثمن سيدفع العالم وهذه المنطقة بالذات إذا عادت الأمور إلى نقطة الصفر ، هذا كلام ليس بخطابات ولا إنشاء ولا عواطف ، بل هو تشخيص واقعي لنتيجة ما تفعله إسرائيل ويصمت عليه العالم .